◄"ماسوني" اعتنق الصوفية: رحلتي كانت طويلة.. ومنام كان سببًا في اتباعي الطريقة البودشيشية
◄"التصوف" هو طريق الحب.. ولا علاقة لنا بالسياسات الزائلة
◄ التيارات السياسية المتشددة كانت سببًا في كره الأوروبيين للإسلام
فرنسي اعتنق الفكر الماسوني، وتحول إلى الإسلام عبر الطريقة القادرية البودشيشية بالمغرب، يقترب من الـ40 عامًا، مارك إبراهيم بودت، قال إنه أحد كبار المتخصصين في علوم الاتصال ووسائل الإعلام، ورأى منام كان سببًا رئيسيًا في اعتناقه الإسلام.
"الدستور" التقت "الماسوني السابق" على هامش فعاليات الملتقى العالمي الثالث عشر للتصوف بالمغرب، لتتعرف على الأسباب الحقيقية التي دفعته لاعتناق الإسلام هو وعائلته، وكان هذا هو نص الحوار...
◄ كيف اعتنقت الإسلام وتحولت من الماسونية للتصوف؟
في الواقع هذه رحلة طويلة جدًا، ويرجع الفضل فيها لشيخ الطريقة القادرية البودشيشية بالمغرب، سيدي حمزة البودشيشي، فكان صاحب الفضل في تركي للفكر الماسوني واعتنق الإسلام، واتعرف على سنة النبي -عليه الصلاة والسلام- واعتنقت في سن المراهقة الفكر "العقلاني"، وهو شكل من أشكال الإلحاد، إلا أنني اعجبت بالآداب والطقوس الماسونية، فكنت أشعر حقًا بالتيه والشتات، ودعوت الله كثيرًا ليرشدني للطريق الصحيح، وكانت دهشتى كبيرة جدًا عندما شاهدت رؤية في منامي كانت سببًا رئيسيًا في أعتناقي للإسلام، فرأيت السماوات ترفع لي وتعلقت بحبل وتركته في منتصف مكة المكرمة، واستقبلني جنديًا ملتحيًا رحب بي، ورأيت كذلك صورًا من بلاد مرشدي الروحي حمزة البودشيشي، وكنت دون الـ 40 عامًا، ووقتها لم أكن أعرف شيء عن الإسلام، سوى الصورة السلبية التقليدية في الغرب.
◄ كيف عرفت الطريقة البودشيشية؟
عقب رؤيتي التي قصصتها منذ قليل، تقابلت مع أتباع الطريقة القادرية البودشيشية في إحدى المناسبات الخاصة بالطريقة في فرنسا، ورأيتهم ينظمون حلقات ذكر على الطريقة الصوفية، وانجذبت لهم وشعرت وكأن قلبي يتوقف ويعود مرة أخرى للحياة، وخلال هذه اللحظة لم أقدر على ترك هؤلاء الأشخاص، وتعرفت بعدها على مولاي الشيخ حمزة القادري البودشيشي، تعرفت عليه وفوجئت عندما وجدته هو نفس الشخص الذي رأيته في منامي.
الشيخ "البودشيشي" أطلعني وقتها على الدين الإسلامي، وسنة الرسول الكريم، فشعرت وقتها أنها إشارة من الله.
◄لماذا انضممت للتصوف تحديدًا؟
في نظري، فالتصوف هو طريق الحب والمعرفة، والتصوف في حد ذاته يتميز بـ 3 أمور هي "الخضوع لله، الإيمان، الإحسان"، وهذه هي الخصال الحقيقية للمسلمين، كما أن الصوفيين ليس بينهم متطرفين أو متشددين كالتيارات الأخرى التي شوهت صورة الدين في أوروبا تحديدًا.
كذلك، فإن من يطلقون على أنفسهم تيار "الإسلام السياسي"، كانوا سببًا رئيسيًا في تشويه صورة الإسلام عند الغرب، وتخويف الأوربيين من الدين الحنيف والذي يحمل في طياته محبة ورحمة كثيرة.
◄ما الذي جذب عقلك وروحك في الصوفية؟
الطريقة القادرية البودشيشية، وأذكارها ومديحها جذب عقلي، وجعلني أشعر بحلاوة الإسلام ووسطيته واعتداله، ولذلك اتخذت قرار الانضمام لها وأكون من مريديها، خاصة بعد جلوسي مع الشيخ حمزة الذي أنظر إليه على أنه مثلي الأعلى.
كما أن الجانب الروحي الذي يطغى على هذه الطريقة جعلني أنا وأفراد عائبتي نشعر بالمحبة والتعاون والإخاء، خاصة أن هناك الكثير من مريدي هذه الطريقة في فرنسا، بخلاف الطرق الأخرى.
◄ ماهي وظيفتك الحالية؟
ببداية حياتي كنت أعمل بمجال النقل، إلا أن دراستي لعلوم ووسائل الاتصال والإعلام، مكنتني من العمل في المجال الإعلامي، وأصبحت من القائمين على إدارة شبكة التواصل الاجتماعي "فيسبوك" في أوروبا.
◄ هل اكترفت ذنوب عظمى في معتقداتك السابقة جعلتك تهرب للإسلام؟
لا أعتقد، فإني كنت أعمل بشكل جيد، حتى خلال فترة إلحادي وشكوكي، فأنا إنسان طيب بطبعي، وحتى بعد اعتناقي الإسلام، فكان هناك الكثير من التيارات المتطرفة، الإرهابية، والدواعش، لم أكن أقبل اتباعها فهي تميل للعنف والتشدد، واخترت المتصوفون لأنهم وسطيون لأقصى درجه، ويسعون لتعريف الإنسان بربه، ويسعون لتخليص الإنسان من أمراض قلبه.
◄هل يوجد في فرنسا طرق صوفية، وهل لديها مريدون؟
نعم بكل تأكيد، فبعد دخولى للإسلام عبر الطريقة القادرية البودشيشية بالمغرب، تعرفت على العديد من الطرق الصوفية فى فرنسا، وذلك حتى يكون لى علاقة معهم فهم صوفية مثلى أيضا، وهم الوحيدون الذين سيكونون قادرين على فهمى، والحديث معى، ولذلك فأننى وجدت الطريقة المدنية والطريقة العلاوية والطريقة التجانية والطريقة الأحمدية، والبرهانية وطرق أخرى كثيرة، ولكنها ليست بإنتشار الطريقة القادرية التى أنتشر فكرها فى كافة أنحاء القارة.
◄ هل لازلت على علاقة بالجماعات الماسونية التي كنت تعرفها سابقًا؟
فى الحقيقة التيارات الماسونية التى كنت على علاقة بأتباعها فى فرنسا، التقيت بها فيما بعد وذلك بعد 10 سنوات من إسلامى، ووجدتهم أيضا التزموا بمسار الله، ودخلوا الى الإسلام عبر طرق صوفية أخرى، فى فرنسا، وهذا كله كان بفضل الله، وبفضل نشاط هذه الطرق الصوفية التى تدعى إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، وأريد التأكيد على أن الطرق الصوفية تنتشر إنتشارًا كبيرًا فى فرنسا، وذلك بسبب منهجها الوسطى الذى لاقى قبولًا عظيمًا بين الفرنسين بعكس التيارات السلفية والوهابية التى كانت سبب رئيسى فى تخويف الأوربيون جميعا من أفكارهم الغريبة التى تدعوا التشدد.
◄كيف تقبلت أسرتك دخولك فى الإسلام وانضمامك للصوفية؟
كان الأمر غريبا كثيرا على أسرتى فى بداية الأمر، فكيف لأبنهم الأكبر، الذى كان يدرس الكاثوليكية المسيحية فى بداية حياته، أن يتحول إلى الإسلام، إضافة إلى أننى كنت أسعى أن أصبح راهبًا فرنسيسًا تبشيريًا خلال فترة المراهقة، بالإضافة إلى أننى كنت مهتما بالبوذية ايضا، ولذلك أسرتى لم تكن تعتقد أنه من السهل أننى سأترك هذه المعتقدات وأنضم الى المسلمين، خاصة بعد أن أعتنقت الفكر الماسونى الذى ينظر إليه المسلمون على أنه فكر ضد دينهم، إلا أنهم تقبلوا الأمر كثيرًا عندما قصتت عليهم الحلم الذى شاهدته فى منامى، حيث حدث لديهم إطمئنان للإسلام والطريقة الصوفية التى أصبحت من أتباعها ومريديها، والأمر لم يتوقف عند ذلك ولكن بعد بعد 4 سنوات من التزامي وإسلامى، انضمت أمي وأخوتى الأربع إلى، حيث دخلوا الإسلام وأنضموا للطريقة القادرية البودشيشية بالمغرب، وهذا كان أمر عظيم بالنسبة لى، حيث أننى شعرت وقتها أن الله أراد لوالدتى الخير الكثير بدخلوها للإسلام هى وأخوتى الذين أصبحوا أتباعا ومريدين محبين للطريقة.
◄كيف ترى نشاط الجمعيات السلفية فى فرنسا وأوروبا ؟
حقيقة الجمعيات السلفية موجودة فى أوروبا، ولكن نشاطها قليل جدًا بسبب فكرها المتشدد، حيث أصبح الإنتشار الأكبر والأكثر للطرق والمراكز الصوفية، وهذا ظهر بصورة جلية بعد ظهور تنظيم داعش المتطرف، حيث حدث هاجس وخوف لدى النظام الفرنسى من هذه الجمعيات السلفية، بسبب توافق أفكارها مع الجماعات الوهابية المتشددة، مما جعل الحكومات الفرنسية، تنظر الى نشاطهم على أنه نشاط غير مرغوب فيه، لأنهم يحدث نوع من الخوف والقلق لدى المواطنين أنفسهم فى باريس.
◄ماهو موقف التيارات الصوفية فى فرنسا من المظاهرات التى حدثت مؤخرًا ضد الحكومة الفرنسية بسبب غلاء أسعار الوقود؟
حقيقة الطرق والتيارات الصوفية فى فرنسا، ليس لها أى علاقة بالجوانب السياسية، حتى أن المظاهرات الأخيرة لم يشارك الصوفيون فيها، لأن أهل التصوف بعيدين كل البعد عن الأمور الدنيوية الزائلة، إضافة الى أن الصوفيون لايخربون أوطانهم حتى وإن كانت هذه المظاهرات هدفها مصلحة المواطن، إلا أن ذلك يجب أن يكون بالطرق الشرعية، وليس من خلال التخريب والترهيب الذى حدث فى شواع باريس، كما أن ما يشغل الصوفى دائمًا، هو ذكر الله وليس الأمور الدنيوية الزائلة.
◄هل هناك أوروبيون أخرون دخلوا الإسلام عبر الصوفية؟
نعم، يوجد الكثيرون من البلدان والدول الأوروبية، دخلوا الإسلام على يد الصوفية، فأنا عندما أتيت إلى المغرب لكى أخذ العهد على يد شيخ الطريقة وجدت العشرات بل والمئات من إسبانيا وألمانيا وإيطاليا وفيتنام والعديد من الدول الأخرى، كانوا يهودًا ومسيحين وبوذيون، هداهم الله إلى الإسلام، حيث وجدت الجميع يجلس جسلون فى حضرة مولانا العارف بالله جمال الدين القادرى بودشيش، وهذا الأمر أسعدنى كثيرًا حيث أننى علمت وقتها أننى أسير فى طريق أهل الحق، وأن "التصوف الإسلامى" هو أفضل المناهج الدينية التى يجب أن يتمسك بها المسلم، بروحه وقلبه وحياته،خاصة أن هذا المنهج لايحرض ولا يكره أحد، مثلما يفعل الأخرون، ووجدت هذا المنهج يحتوى الأخرى، ويظهر الروح الحقيقية للدين الإسلامى الحنيف.
◄ما سر فى مشاركتك فى المتلقى العالمى الـ13 للتصوف الذى تنظمه الطريقة القادرية البودشيشية؟
فى الواقع أنا أشارك بشكل مستمر فى الملتقيات التى تنظمها الطريقة القادرية البودشيشية، سواء فى المغرب أو فرنسا، خاصة أن هذا المتلقى يأتى بالتزامن مع الإحتفال بالمولد النبوى الشريف، وبالنسبة لى كمريد فى الطريقة فإن حضور هذا المتلقى والإحتفالية امر مقدس بالنسبة لى ففى هذا الملتقى يتم التباحث والتشاور حول كافة الأمور المتعلقة بالتصوف وكذلك دور التصوف فى نشر الفكر الصحيح، ومحاربة الفكر المخالف لصحيح الدين، ونحن كمريدين فى هذا الطريقة، يقع علينا حمل وعبء كبير فى هذا الأمر فيجب علينا أن نكون بحجم هذه المسئولية الكبيرة التى تقع على عاتقنا والتى أوكلنا أياها سيدى جمال الدين القادرى بودشيش شيخ الطريقة.
المصدر : الدستور