ثانيا: واقعية الإشارة و رهان التحدي
هكذا ورغم الأجواء المتناقضة بالكلية فسأقطع هذه المرحلة العمرية والعلمية في آن واحد،على شكل حلم لذيذ وبسرعة كالبرق ودون كبوة تذكر في مجال الدراسة والتحصيل.
فلقد جمعت فيها بين استظهار النصوص القرآنية والحديثية والأصول الفقهية،كما طورت أساليبي في الكتابة وإنجاز البحوث والعروض، وأيضا تعلمت وباجتهاد شخصي كيف أختزل العلوم وأنتقي الكتب وبالتالي أستغل الوقت للقيام بعدة مهام : منها المهنية التي كنت مازلت مرتبطا بها إلى حين حصولي على الإجازة، ومنها الرياضية بالعودة إلى بعض النوادي للحفاظ على اللياقة البدنية.
موازاة مع كل هذا فقد بقيت مرتبطا بالزاوية وملازمة الحضور إليها رغم تعرضي إلى نوع من الفتور سبق وأشرت إلى بعض ملامحه وأسبابه...
في نفس الوقت كنت أزور شيخي بين فينة وأخرى ولكن بصورة متقطعة وأزمنة متباعدة كان ينبهني عليها عند كل زيارة بأسلوب لطيف ورقيق وتربوي ذوقي،وذلك لما لاحظه علي من اضطراب وتراجع نسبي في المجال الروحي والسلوكي،على عكس ما كنت عليه عند بداياتي في الطريقة.
كل ذلك كان حرصا منه لكي تكون نهايتي على وثيرة بدايتي،كما هي عليه القاعدة الصوفية في إحدى حكم ابن عطاء الله السكندري:"من أشرقت بدايته أشرقت نهايته"،أرجو الله تعالى أن يحققها في وفي كل من سلك صحبة هذا الرجل الكريم والمبارك!!!.
لكن الشيء الذي لم يغب عن حالي ومقالي وكذلك بالي هو انشغالي بالتصوف وغيرتي على أهله ولو في أحلك الظروف وأسوئها،وهذا يعني أن علاقتي بالتصوف؛ وبشيخي خصوصا،لم تكن مجرد ارتباط زمني محدود ومشروط وإنما هي أعمق من ذلك بكثير،وذات جذور راسخة لا تهزها تعرجات المسالك والمكان ولا تذؤب الرياح وزوابعها مع كل زمان !.
لهذا فحينما جاء وقت إنجاز البحوث النهائية لنيل الإجازة في أصول الدين أبيت وأبى باطني شعوريا أو لاشعوريا؛إراديا أو لا إراديا إلا بأن يخرج ما بداخله ويعبر عن جوهره للعلن العام -رغم المعارضة الشديدة في الكلية للتصوف وأهله كما سبق وقلت.
فلقد كان إصراري على أن تكون أول ثمرة علمية أنجزها بشكل قار وكلبنة أولى في مساري العلمي المسجل لي وعلي هو تأليفي بحثا صغيرا في مجال التصوف عنونته ب"التصوف الإسلامي بين السنية والتطرف" الذي طورته وصححته بعد الطبعة المحلية بالدار البيضاء ثم زدت فيه وعمقته وبعد إضافات وتنقيحات مهمة وعند نضج الرؤية والأسلوب أكثر من ذي قبل تم طبعه بدار الكتب العلمية في حلة جميلة وجيدة وأكثر جاذبية.
وهذا الكتاب سيعرف جدلا كبيرا منذ الطبعة الأولى بالرغم من بساطتها واحتوائها على أخطاء لغوية ومطبعية بل حتى في الأسلوب لغاية أن بعض المعترضين كتب مقالا بجريدة العلم ينتقده أشد النقد مما دفعني للرد عليه بعد تردد في نفس الجريدة ،فكان أن تابع شيخي سيدي حمزة هذا الموضوع باهتمام كبير خاصة وأن بعض الإخوة من باب التحفظ والغيرة قد بدؤوا يصدرون لومهم وتخوفهم من أن الكتاب ربما يكون قد فتح بابا للتجرؤ على قضايا التصوف والطريقة خصوصا نقدا واستنقاصا.لكن وبعدما صدر الرد سيتم قراءته في حضرة شيخنا وبعد الانتهاء منه فقد كان تعقيبه فيما بلغني :الآن فاليرد عليه الآخر.نظرا لأن المقال قد كان متقنا وعميقا وجدليا بما تحمل الكلمة من معنى. وفعلا لم يصدر أي رد من ذاك المعترض بل بعد مرور الزمن سأقرا له بعض الكتابات التي يستحسن فيها منهج التصوف وأهله.
فلقد كان لدي جموح وطموح نحو التجديد بمفهومه الحقيقي والنزوع إلى طرح قضايا صوفية بشكل معاصر وعلى أسس شرعية وعقلية مع وضع مقارنات بالاستئناس ببعض العلوم الحديثة وخاصة علم النفس وعلم الاجتماع...
وهكذا كان الأمر؛ بحيث إنني شخصت طريقتنا في مقصدها ومنهجها ونتائجها تشخيصا علميا مثيرا ومفيدا أيضا، كما سيصبح هذا البحث لبنة رئيسية لما سيأتي بعده من تأليف يصب كله في خدمة التصوف والطريقة بالدرجة الأولى والأخص.
فقد تناول البحث موضوع التصوف السني وهو يعتمد على الآية الكريمة:{لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}.[سورة الأحزاب : آية21].
هذا المنحى في تأسيس الكتابة عن التصوف كنت أقصد به إثبات مشروعية منهج الطريقة وأصولها وذلك بالاستناد إلى آية كان يرددها شيخنا سيدي حمزة في كل مجلس وعند كل حوار أو تذكير بأن طريقتنا مبنية على قول الله تعالى :{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا}،كما كان يردد كلمة مشهورة عنه وهي أن "السنة تجمعنا والبدعة تفرقنا".
من هنا فقد كان لابد وأن يتمحور بحثي حول هذا الموضوع وأميز بين مفهوم التصوف السني والتصوف البدعي،أو المتطرف كما عبرت عنه في العنوان وذكرت فيه رفضي لأن يقترن مصطلح التصوف بالتطرف للتناقض الحاصل بين اللفظتين دلالة واشتقاقا وواقعا.
إذن ، فالتوجه العلمي لدي أول ما ظهر سيبدو مكسوا بآثار صحبة شيخي ومرتبطا بهمته أيما ارتباط، ومن ثم فقد انعكست علي صحبته في السلوك العلمي أكثر من السلوك العملي الذي هو محور الصحبة وهدفها.
إذ أن هذا الأخير ربما قد يعتريه لدى الشخص المقتدي تذبذبات وانتكاسات شخصية وفتور،وفي نفس الوقت استدراكات وما إلى ذلك من طبع البشر ومظاهره في باب الضعف وقلة الصبر.
غير أن الجوهر حينما يكون محفوظا أو صادقا يبقى دائما على صلة بمصدر بثه وإلهامه،لأن الناس كما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:"النَّاسُ معَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، خِيَارُهُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيارُهُمْ في الإِسْلامِ إِذَا فَقهُوا".
من هنا، فإن جميع البحوث التي أنجزتها فيما بعد ستكون مطبوعة بصبغة صوفية،إن في المضمون العام أو ذات التخصصات المتنوعة، سواء أكانت فقهية وتوحيدية وكذا اجتماعية وتاريخية أم ذات صبغة سياسية من وجه أو آخر...
إذ المهم هو أنني في نهاية المطاف أطرح التصوف كبديل وغاية محورية لكمال أي سلوك إنساني مهما تضاءل أو تسامى،وذلك لأن عنصر الروح حاضر مع الجميع في كل وقت وحين؛ بل هو جوهر الإنسان ولب كيانه.!
هكذا إذن حرقت المراحل في سرعة غير متعثرة بالمرة،مرورا بسلك تكوين المكونين بجامعة محمد الخامس،الذي كان نظاما محدودا وقصير المدى في تجربة متميزة لتطوير نظام الدراسات العليا في السلك الثالث من طرف وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي في بداية الثمانينات وعودة إلى كلية أصول الدين بتطوان كتعيين استثنائي وتحقيق لإشارة شيخي السابقة:"اللي شيَّر( أوشار) عليك شير (شار)على الأصول".
وقبل التحاقي بالتدريس بل قبيل إعلان نتائج الامتحان لنيل شهادة الدراسات الجامعية العليا سأتعرض لموقف دقيق وحاسم في اختبار قوة انتمائي ومصداقيته في صحبة شيخي،ذلك لأن أحد الأساتذة (لا أحبذ ذكر اسمه في هذا المقام)وقد كان يمثل مدير التكوين حينذاك إلى جانب الأستاذ الفاضل محمد بلبشير الذي كان رئيسا لشعبة الدراسات الإسلامية بل مؤسسها في المغرب .
هذا الأستاذ كان يستخدم عيونا من بعض الطلبة الذين يأتونه بالخبر اليقين وذلك من أجل التصنيف بحسب الانتماء لا بقدر النبوغ والتفوق والموضوعية العلمية ،وما أكثر هؤلاء في جامعاتنا وخاصة في شعب الدراسات الإسلامية وما يعادلها...
ففي لحظة حرجة وبشكل مفاجئ سيستدعيني هذا الأستاذ لجلسة مغلقة وطارئة ثم سيبدأ في توجيه أسئلة نحوي خارجة كل الخروج عن موضوع الدراسة وما كنا بصدد انتظار نتائجه فيقول لي حينها:
- هل أخرجت الوظيفة؟
ترددت قليلا عن الجواب ثم قلت له :أية وظيفة تقصد؟
قال لي مسترسلا: هل أخرجت الورد؟
عندئذ فهمت قصده وتيقنت أنني في امتحان طائفي لا علمي وأن القضية فيها متابعة لخيارات شخصية خارجة عن مفهوم الجامعة وسعة آفاقها وحرية الفكر والعقيدة فيها،فأجبته للتو:
- نعم أخرجت الورد وأؤديه كل يوم ، وكذا الوظيفة.
ثم استطرد قائلا كأنه مشفق علي :
_ إني أخاف عليك من التطرف !
قلت له بعفوية وواقعية:
- لقد درست وحضرت معكم في هذا التكوين منذ سنتين فهل لاحظتم علي تطرفا ما؟
قال لي :كلا أبدا.
قلت معقبا: و الأمر كذلك ،وينبغي أن تعلم يا أستاذ بأن تكويني العلمي في شموليته وإجماله لم أتلقاه من الجامعة مباشرة أو بواسطة الحضور الرسمي لأنني كنت من المسجلين الأحرار،وإنما لقنته من الزاوية وبرعاية وتوجيهات وتحفيز شيخي سيدي حمزة ابتداء بعدما كنت قد فشلت في دراستي عند الإعدادي وأصبحت في سلم العاطلين.كما أن برنامجه العلمي في الزاوية قد كان من أهم العوامل في تحديد اختياري وتخصصي مع التعمق فيه وإفراغ المنة والجهد في تحصيله.هذا المنهج كان من ضمن أهم عناصره :الفقه المالكي من خلال منظومة ابن عاشر وشرح حكم ابن عطاء الله السكندري للشيخ ابن عجيبة في إيقاظ الهمم ثم السيرة النبوية على نمط نور اليقين لمحمد الخضري بك.
سكت الاستاذ هنيهة ثم عقب قائلا:إذن فبحسب قولك هذا إن الشخص إذا التحق بهذه الزاوية فقد يصبح من العلماء في ظرف خمس سنوات ...
أجبته مؤكدا:وهو كذلك فإن لدينا بعض الفقراء المريدين من يعمل في الفرن أو غيره من الحرف فإذا تحدثت معه أجابك بعلوم شرعية دقيقة وذوقية وأخلاقية قد لا يحسن فهمها كثير من طلاب العلم الرسميين(ولم لا حتى أساتذتهم).
عند هذه المصارحة سيسألني بشكل غريب أو غبي لست أدري بماذا أقيمه:هل شيخكم ملتحي؟
أجبته بعفوية وبلغة الحال:نعم بالتأكيد ،ولو رأيته وقرأت أوصاف جمال نبينا ورسولنا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لرأيت أن أنواره تبدو على محيى الشيخ سيدي حمزة بكل وضوح وجاذبية جمالية متناسقة يشعر بها مريدوه أكثر من غيرهم وجدا وحالا.
قال لي بعد هذا السؤال أو قبله ،لا أتذكر جيدا مراتب الحوار:
- يقال بان المريدين يضعون صورة الشيخ عند السجود في الصلاة ،فهل هذا صحيح؟
- هذا هراء وافتراء ،وهو من تلفيق الأعداء والزنادقة (إن صح وصفهم بهذا) ،وإن هذا الوصف خارج عن توجيهات الشيخ ومنهجه في الدعوة إلى الله تعالى.وحتى لو صدر شيء منه معزولا وشاذا من طرف بعض الدخلاء أو الجهلاء فذلك منهي عنه في الطريقة ويتنافى كليا مع عقيدتها ومنهجها،إذ ربما قد يكون صاحب الفعل مدسوسا من طرف بعض المغرضين من طوائف وأحزاب خارجية أو حتى من جهة بعض رجال السلطة في السابق ممن لم يحسنوا التصرف في متابعة سير الطريقة أو أرادوا الإيقاع بها وبصاحبها بأي وجه للحد من انتشارها وظهورها،وهذا محتمل وليس بمستغرب في باب السياسة ومذاهبها !
حينئذ سيقول لي،لست أدري هل مراوغة أو حقيقة: إنني كنت في مسلكي شاذليا ...وبهذا انتهى الحوار ولم نلتقي إلا بعد سنين لم أعد استفيد منه ولا هو يستفيد مني لحد جفاء غير معلن و لامبرر له .
لكن هذا اللقاء في حقيقته قد كان رهانا واقعيا وامتحانا حقيقيا لمدى مصداقية صحبتي لشيخي وهل أن المصالح قد تؤثر على مواقفي منه أم لا؟ فكانت النتيجة والحمد لله على ذلك بأن خرجت ناجحا من جهتين:جهة الدراسة و مسالة الثبات على سلوك الصحبة والاستمرار في الطريقة بالممارسة.
ولقد أدركنا اليقين صغارا فكبرنا وما جهلنا المكانا
لكنني وبعد شروعي بالتدريس في الكلية سيحدث لدي نوع إحصار وحيرة في الكتابة وتسجيل لموضوع البحث من أجل نيل دبلوم الدراسات العليا.
فلقد كنا ملزمين بإنجازه في حدود ثلاث سنوات حتى يتم ترسيمنا إداريا،ومع هذا فقد مرت سنة كاملة لم أنجز فيها شيئا بل قد تأخرت حتى عن التسجيل واختيار الأستاذ المشرف.
أذكر بعد مرور السنة الأولى أني ذهبت لما يصطلح عليه مجازا بالاعتكاف في شهر غشت بالزاوية في مداغ(قرية بمنطقة بركان،شرق المغرب) طوال شهر غشت من سنة 1987 لم أكتب حينه ولو حرفا واحدا،وعند توديعنا لشيخنا اشتكيت له حالي و إحصاري عن الكتابة طالبا منه الدعاء أو أن يصف لي دواء لما حل بي على غير المعتاد.
فما كان منه إلا أن اختصر وصفته بقوله:"اذكر فإن الذكر يعينك".
كانت هذه الكلمة بمثابة المفتاح الذي فك عقدة فكري وأطلق عنان قلمي،بعدها قسمت وقتي بين ذكر وفكر وعلم وعمل،حتى إنني ذات يوم شعرت وكأن قلمي بين أصابعي يسبق فكري،مما أثار دهشتي وزاد من يقيني بأن شيخي:طبيب وأستاذ وناصح،أعز من الكبريت الأحمر وأغلى من الإبريز الخالص الأصفر!
فكان أن أنجزت بحثي هذا بعنوان:"خصائص الدراسات النفسية والأخلاقية عند المسلمين في القرن الخامس الهجري"في مدة وجيزة مثيرة للاستغراب والدهشة...
وأخيرا كخاتمة لهذه الرحلة الرسمية سينتهي المطاف بإنجاز دكتوراه الدولة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة عبد المالك السعدي ! كان من أبرز مناقشيها فضيلة الدكتور فاروق النبهان مدير دار الحديث الحسنية سابقا وعضو أكاديمية المملكة المغربية والذي ترك بصماته واضحة في هذا الموضوع قد عملت على نشر مداخلته وكذا باقي الأساتذة وعلى رأسهم الدكتور محمد الكتاني الذي اختصر موقفه من المناقشة بأن قال لي بعد مرورها بأن الجلسة كانت عليها هالة نورانية حسب تعبيره ،وهو فعلا قد كان صادقا بهذا.
فلقد كان يوم ما قبل المناقشة يوما ممطرا لغاية حدوث فيضانات وإغلاق مدرجات ،حتى إني شعرت بقلق كبير خوفا من التأجيل فاتصلت بالدكتور فاروق النبهان لأطمئن على حضوره،فأجابني حينها لما شعر بحالي هذا :لا تقلق أو لا تخف فغني حريص على مناقشة هذه الأطروحة ،فكان ما كان وتمت المسألة إلا أنه عبر عن شعوره نحو الموضوع بقوله:لما كنت أقرأ البحث شعرت وكأنك تغرف من بحر وتغوص غوصا عميقا.هذا مع اعتبار أن الموضوع يمثل دراسة ناذرة وجد متخصصة قليل من هم مؤهلون لخوضه .
أجل ! إنه بحر شيخنا سيدي حمزة القادري بودشيش، أشرت إليه في مقدمة البحث وعند إبداء الشكر والإشادة ،والذي يفيض أنواره وإشعاعه من قلبه على مريديه بالحال والمقال ومن ثم الأعمال بغزارة ووتيرة لم تعهد لدى الشيوخ من قبل وخاصة في زماننا حيث الفكر يزداد ضيقا والقلوب تطرد حنقا وغلقا.
فعند كل مرحلة قد كنت أكتب وأعي جيدا ما أكتب ولماذا أكتب!؟ حتى إنني قد أفرغت زبدة أفكاري ومحور توجهي الفكري والروحي في أطروحتي هاته التي كانت بعنوان:" معرفة النفس وتقويمها في الفكر الإسلامي" والتي مثلت تتويجا لمسيرتي العلمية على المستوى الجامعي وتحصيل الشواهد.
من ثم فتحت لي الآفاق للاسترسال في الكتابة المتنوعة والمنعطفة بكل قوة نحو المعنى الصوفي وبذوق الطريقة أولا وأخيرا،كان من أولى الثمرات بعدها تأليف كتاب:"الطريقة القادرية البودشيشية:شيخ ومنهج تربية"،الذي يعبر عن انتمائي الصريح والواضح كعرفان بالجميل وتعبير علني عن فضل صحبة شيخي سيدي حمزة وأثرها على مسيرتي الروحية والنفسية والعلمية وكذلك الاجتماعية...