اعلم أن آداب الأذكار الموصلة إلى الله تعالى هي أن يكون الذاكر لله تعالى على أكمل الآداب، وأحسن الهيآت ظاهراً وباطناً، وأن يكون على طهارة ونظافة تامّة، وأن يكون في حال الذكر خاشعاً لله معظِّماً لجلاله،مستقبلاً القبلة، مطرقًا، ساكن الأطراف، كأنه في الصلاة، قال الحبيب الغوث عبد الله بن علوي الحداد في رسالة المريد : (ومن سرَّه أن يذوق شيئًا من أسرار الطريقة، ويكاشف بأنوار الحقيقة، فليعكف على ذكر الله تعالى بقلب حاضر، وأدب وَافِر، وإقبال صادق، وتوجُّه خارق، فما اجتمعت هذه المعاني في شخص إلا كوشف بالملكوت الأعلى، وطالعت روحه حقائق العلم الأصفى، وشاهدت عين سرّه الجمال الأقدس الأسمى).
وأما الذاكر بغير ما مرّ من الآداب فلا يخلو عن أجرٍ لكنه قليل الجدوى. فإن أضيف إلى ذلك ما يفعله بعضهم من إنشاد الأشعار بالتلحين والأنغام، بالأصوات الحسنة بذكر أوصاف العشق والجمال مع اجتماع الأحداث حتى تطرب النفوس البهيمية طبعاً بسَماعها ميلاً ورقصاً كما هو غالب أحوال الشباب خصوصاً العوام فحرام مُخلٌّ بالمروّاتِ باتفاق العلماء لأنه ما رقص عاقل فاضل. ثمّ إن منهم قوماً يذكرون الله تعالى بتصوير بعض الأذكار في قلوبهم، وكبيرهم الذي يلقنهم تلك الأذكار يزعم بجهله فيُوضات أسرار الولاية من قلبه إلى قلوبهم، ولم يصل هو إلى شيء من مقامات الأولياء ولا حَامَ حَولها، فَضَلَّ هو وأضلَّ غيره لغروره بما يترامى له من الخيالات الفاسدة، مع وقوعه في الرياء والعجب، وغير ذلك من المهلكات الباطنة.
وذلك لان اشتغال الفكر بتصوير بعض الأذكار سريع التأثير بالخاصيّة، فلهذا يحصل لبعضهم بسبب ذلك الوقوع في الخيال، ويوكل الأمر عند الأطباء إلى فساد العقل والاختلال، وهذا الأمر ممنوع عند الصوفيّة وغيرهم بالشرع والعقل. كما منعت الرياضة المؤدية إلى اختلال العقل فيا ليت شعري كيف يدّعي هؤلاء أنها طريقة الأقطاب وهي من محدثات الزمان.