آخر الأخبار

جاري التحميل ...

وصية الغزالي (4)

وصية الغزالي (4)

سُئِل سلطان العارفين أبو يزيد البسطامي قدس سره الشريف من أين يأكل ؟ فقال : مولاي يطعم الكلب والخنزير أفترى أنه لا يطعم أبي يزيد . 

والعجب ممن يدّعي العقل وهو جرب ثلاثين وأربعين وخمسين سنة ليلا ونهاراً، حضرا وأسفارا ولم يفته غداؤه وعشاؤه، أما تكفيه هذه التجربة، إن لم يكن العلم والمعرفة نعوذ بالله من الجهل الدائم، والحرص الهائم.

اعلم أنهم لا يبدلوا غرضهم الشريف لأبناء الدنيا، ولا يتملّقوا لهم، ولا ينفدوا أحوالهم طمعاً فيهم، ولا يراعوا بشيء من أعمالهم وأحوالهم فيسقطوا عن نظر الحق بالالتفات إلى نظر الخلق. وأن الرياء مفسد الأحوال ومبطل الأعمال، والعجب ممن لا يلاحظ نظر من هو أقرب إليه من حبل الوريد، ويلاحظ نظر من يراه من بعيد، ولا يلتفت إلى استحسان أقربائه وأحبابه وأعدائه. ولقد صدق أبو بكر الوراق الترمذي قدس الله سره العزيز : (لا تطلب المنزلة عند الله تعالى وأنت تطلب المنزلة عند الناس) ريح تخرج من فم الناس وتزول سواء كانت في استحسان أو استقباح، فلا ينبغي للطالب أن يلتفت إلى اعتقاد الناس وإنكارهم في حاله، ولا يظهر فضيلة يعتقدونه بها ولا يظهر رذيلة ينكرونه عليها. قال عليه الصلاة والسلام : (لا يكمل إيمان المرء حتى يكون الناس عنده كالأباعر). وقال الفضيل رضي الله تعالى عنه : (العمل لأجل الناس شرك وترك العمل لاجل الناس رياء). فالصدق والإخلاص فرضان سيما على أهل الاختصاص. 

سألني الشيخ العلامة العارف جلال الحق والملة قال الحجندي ثم المدني قدس الله تعالى سره العزيز بالمدينة يوما : إن عشت فرضا ألف سنة، إيش تعمل في مدة هذا العمر ؟ قلت : أفعل كذا وكذا وعددت عما بلغ عقل إليه من التقربات، فقال رضي الله عنه : أنا لا أفعل هكذا، بل أصرف عمر تسعمائة وتسع وتسعين سنة إلى تحقق مقامَيْ الصدق والإخلاص ويكفيني معهما عمل سنة. وما قال هذا إلاّ من علمٍ عميق ونظر دقيق، قدس الله روحه.

صفحة البداية                  << السابق          التالي>>

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية