■ الطريقة القادرية البودشيشية
الطريقة البودشيشية طريقة قادرية ، فباعتبارها فرعا يتفرع عن السند الصوفي، فإن تسميتها الأولى التي تميزت بها ترجع إلى الشيخ مولاي عبد القادر الجيلالي (المولود سنة 470 هجرية ) ، أي أن هذه التسمية الأولى يرجع تاريخها إلى القرن الخامس الهجري .أما التسمية الثانية والتي هي البودشيشية، فظهرت بعد أن انتقلت فروع القادرية إلى المملكة المغربية .
أصل التسمية : اكتسبت البودشيشية من الشيخ سيدي علي بن محمد،الذي حمل لقب (سيدي علي بودشيش)؛ لكونه كان يطعم الناس أيام المجاعة طعام "الدشيشة" بزاويته.
■ سند الطريقة القادرية البودشيشية
إن عمدة الشيخ سيدي بومدين في الطريق الصوفي وما أثبته لنفسه كسند رئيس هو شيخه سيدي محمد لحلو الفاسي، وذلك من خلال الرسائل والمكاتبات العديدة بينهما، والموجودة سواء في الزاوية القادرية البودشيشية بمداغ ناحية بركان، أو في خزائن بعض الخواص بفاس.ونخص بالذكر رسالة الحال وهي جواب من الشيخ سيدي محمد لحلو لمريده سيدي بومدين حين سأله عما اعتراه من ارتعاد وارتعاش أثناء تلاوة القرآن وذكر الله تعالى. وإن هذه الرسائل والوثائق لكافية وكفيلة بإثبات السند الصحيح لسيدي بومدين.
■ نسب شيوخ الزاوية
ينتسب الشيوخ البودشيشيون ، إلى الفرع الحسني من آل البيت النبوي مرورا بالشيخ عبد القادر الجيلالي ( 470 هـ - 561 هـ ) فالشيخ الحالي هو جمال الدين (1942م) بن حمزة ( ولد 1922 م توفي 2017م) بن العباس (توفي 1972 م) بن المختار ( توفي 1914 م ) بن الحاج محي الدين بن الحاج المختار بن المختار الأول بن محمد بن محمد كذلك . بن محمد بن أبي دخيل بن الحسن بن شعيب ، بن علي بن عبد القادر بن محمد بن احمد بن لقمان بن محمد بن محمد بن عبد الرزاق الثاني ، بن الشيخ اسماعيل بن الشيخ عبد الرزاق بن الشيخ سيدي عبد القادر الجيلالي بن موسى بن عبد الله بن يحي الزاهد بن محمد بن داود بن موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله الكامل بن الحسن المتنى بن الحسن السبط بن الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه و هو زوج فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم.
■ أهداف الزاوية القادرية
تهدف الطريقة القادرية البودشيشية إلى التمسك بالشريعة الإسلامية السمحاء ، الاجتهاد في العبادات و تزكية النفوس بألوان الطاعات ، و تعلم العلم و تعليمه، التخلق بكل خلق سني و خلع كل خلق دنيء ، التزاور و التراحم و التعاون في أمور الدين و الدنيا ، الدعوة إلى الله بالحال و القول و العمل ثم السخاء و الجود و الكرم لوجه الله بدون عوض و من هنا كانت المقولة الصوفية الشهيرة " أقبح قبيح : صوفي شحيح " و قول السيد حمزة بن العباس " لا يكون السخي سخيا حتى ينسى ما أعطاه و لا يذكره أبدا ".
■ الذكر في الطريقة البودشيشية
الذكر الكثير مطلوب بنصوص الكتاب و السنة لذلك اعتمدته جميع الطرق الصوفية و الدينية على اختلاف توجهاتها و مذاهبها و لا تتحقق مراقبة الله عز و جل بالقلب إلا به و في ذلك يقول الشيخ الحالي للزاوية " بنيت الطريق بعد الصحبة على الإكثار من ذكر الله ، فهو مفتاح كل شيء ، و بدونه لا يكون في المريد شيء " .
و الذكر إما فردي أو جماعي و لكل منهما أدلة شرعية صحيحة و لهما آداب و شروط كتعظيم اسم الله المذكور و التمعن في معناه ، الجلوس بأدب و انكسار و عدم مد الرجل أمام الحاضرين أو العبث بالأشياء. و من كان في جماعة فينبغي له ملازمتهم و مداومة الحضور إلا لعذر ، مسايرة الذاكرين فيما يذكرون ، احترام من حضر المجلس حتى و لو كان من العاصين لأن الله أعلم بعباده لكن يستحسن الدعاء له بالهداية .
أما طريقة الذكر في الطريقة البودشيشية فقد سن شيوخها ترتيبا للأذكار و الأوراد القرآنية و أسماء الله الحسنى و هو كالتالي.
- الأذكار الفردية
- الاستغفار و اللطيف ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بالصيغة الجمالية في دليل الخيرات.
- لا إله إلا الله . (أكثر من ساعة ونصف في اليوم)
- حزبين من القرآن الكريم (صباحا ومساءا) ثم حزب من دليل الخيرات في الصلاة على النبي المختار أو أكثر حسب الاستطاعة .
الأذكار الجماعية
- الوظيفة العامة للذكر الجماعي المقام كل يوم في زوايا الطريق.
- الاعتصام
- اللطيف (الكبير، والطيف لابن حجر)
- تلاوة سلك من القرآن الكريم
- الصدقات (تلاوة صحيح البخاري والشفا للقاضي عياض ومجموعة من الأذكار)
- الختم بالدعاء لكافة المؤمنين و المسلمين .
أما الأذكار الخاصة فيأذن فيها الشيخ لمن رأى فيه الاستعداد و الطموح الروحي أو من يعاني من بعض المشاكل النفسية حسب الظروف كما هناك أذكار لنفع لأمة لا يذكرها إلا بعض الخواص لدفع بلاء عام أو مصيبة تحل بالبلاد أو خطر يهدد العباد .
■ المكانة الروحية و الاجتماعية للزاوية
استطاعت الزاوية بطريقتها السالفة الذكر أن تستقطب عشرات الآلاف من المريدين و المحبين إذ أن الموسم السنوي الذي تقيمه إحياءا لليلة المولد النبوي وحده يحضره عشرات الألاف من الأ شخاص (رجالا و نساءا) من كل بقاع العالم فبالإضافة إلى الوافدين من المدن المغربية المتعددة نجد مريدين من أمريكا و كندا و دول أوروبا الغربية و آسيا ثم إفريقيا و تمكنت من إنقاذ عدد هام من الشباب من براثن الانحلال و الانحراف .. في العالم خاصة في عصرنا و تختلف مستويات المريد من أمي و معطل إلى عالم و دكتور .
■ الزاوية و المقاومة الوطنية
شارك شيوخ الطريقة القادرية البودشيشية في مقاومة الاستعمار ببسالة و تعرضوا للنهب وفقدوا بعض ممتلكاتهم. فلم تقم الزاوية الحالية إلا بعد إحراق و تدمير منازلهم بتاغجيرت . إذ كان أحد أقطاب الزاوية خير معين للأمير عبد القادر الجزائري مند 1830 م و قاد مقاومة الاستعمار الإسباني الذي كان يريد التوسع خارج مليلية . و كان الشيخ سيدي المختار ينظم الجهاد ضد الفرنسيين غداة احتلال وجدة عام 1907 و كان يستشار من طرف السلطان مولاي الحسن الأول في شؤون القبائل و حل النزاعات و قاومت الزاوية ( الدار البالية ) أما دور المختار الثالث بن محيي الدين في المقاومة فهو معروف لدى سكان المنطقة و محفوظة في وثائق الجيش الفرنسي بباريس خاصة البلاغات العسكرية الفرنسية المتعلقة بالموضوع كما ذكر ذلك قدور الورطاسي في كتابه " بنويزناسن عبر الكفاح الوطني " ثم مخطوط بالخزانة العامة بالرباط .
■ الزاوية والاحتفال بالمولد النبوي
من الأنشطة المتعددة الدينية و الثقافية للزاوية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف و هي مناسبة عظيمة يحضرها حوالي 150.000شخص كما هو الشأن لهذه السنة- ففضلا عن مختلف المدن المغربية تعرف هذه الإحتفالات حضورا لأفواج من المريدين من كل بقاع العالم لذا لا نستغرب كون بعض المحاضرات تلقى باللغات الأجنبية خاصة الفرنسية و الإنجليزية أو الإسبانية. كما تقيم الزاوية احتفالات إحياء ليلة السابع و العشرين من رمضان و ذكرى وفاة المغفور له محمد الخامس و الحسن الثاني حاليا. كما تقوم يوميا بتربية عدد من الراغبين في دخول الطريقة و على نفقتها كل ما يتعلق بذلك من طعام و شراب و إقامة في انتظار إتمام مشروع جامعة للتربية الصوفية و تدريس العلوم الإسلامية في عين المكان. و تشتمل برامج هذه الحفلات الدينية عادة على بعض الأعمال الخيرية كختان أبنا ء الفقراء ،إلقاء محاضرات و تنظيم ندوات في مواضيع دينية ثم الإقبال على أنواع الذكر كختم القرأن و صحيح البخاري و أوراد من كتاب دلائل الخيرات بالإضافة إلى الأمداح النبوية و حلقات السماع و ذلك بحضور مختلف وسائل الإعلام الوطنية المقروءة و المسموع ة و أحيانا بعض القنوات الأجنبية.
■ الطريقة القادرية البودشيشية أصول وثوابت
الالتزام بمقتضيات الصحبة والتلقي عن الشيخ المربي، القدوة الصادق المتحقق، والعالم الرباني المتخلق، وذلك من خلال :
- المحافظة على الشريعة المحمدية الغراء.
- التشبث بالثوابت الدينية والوطنية للمملكة الشريفة وترسيخها.
- التحلي بآداب التعظيم والاستئذان والامتثال.
- المضي في طريق التزكية سيراً قويماً، وتخلقاً كريماً، وتسييراً حكيماً، وذكراً كثيراً، وعلماً نافعاً.
- الدعوة بالحُسنى والحكمة وترجيح التيسير والتدرج واللين والرفق ورفع الحرج.
- التخلق بالمحبة والرحمة مع العالمين.
- تمتين ارتباط المريد بالشيخ المربي الحي المأذون من أجل تحصيل الاستمداد الروحي والتربوي.
■ نبذة عن الشيخ الحالي للزاوية القادرية البودشيشية
العارف بالله، سيدي جمال الدّين، بن الشّيخ الوارث المُحمّدي، سَيّدي حمزة قدّس الله سرّه، بن الشيخ سيدي العبّاس، بن الشّيخ المجاهد سيدي المختار، سَنداً مُتّصلاً، روحياً وصُلبيّاً، إلى سيدي عبد القادر الجيلاني، قدّس الله سره.
وُلِد رضي الله عنه بقرية مَداغ العامرة، بناحية بركان بالمملكة المغربية، سنة 1942م، أخذ عن شيخه العارف بالله سيدي بومدين بن المنوّر، طّيب الله ثراه، وثُلّة من الشيوخ العلماء النابغين، الجامعين بين علوم الحِكم والأحْكام، فتلقّى رضي الله عنه القرآن الكريم، وحمل الضّروري من علوم الدين.
تدرج في أسلاك التعليم باللغتين العربية والفرنسية.
نال دبلوم الدراسات العليا في العلوم الإسلامية والحديث بدار الحديث الحسنية.
نال دكتوراه الدولة من دار الحديث الحسنية، سنة 1422هـ موافق2011م.
و تتحدث عدة مصادر عن طريقة مشيخته بأن كان مطلوبــــــــا من الآخرين و ليس طالبا للمشيخة إذ أن ورعه و ثقافته جعلت الكثيرين يتمنونه شيخا لهم عاملا بالمعادلة العجيبة لدى المتصوفة "كن متدللا للاخوان يرفعك الله بينهم ".
أصبح شيخ الطريقة القادرية البودشيشية سنة 2017 بعد التحاق شيخه ووالده، العارف بالله، سيدي حمزة، قدّس الله سره، بالرفيق الأعلى يوم الأربعاء 19 ربيع الثاني من سنة 1438هـ/2017م . ، الذي ترك له وصية تتناول مسألة الوراثة و الخلافة على نهجه ووقعها أمام السلطات، و شهد له بذلك كبار المقدمين الموقعين عى الوثيقة المذكورة.