الباب الثاني في الاسم مطلقا
حيّ لهند ممنع الأعتاب ... عالي المكان شامخ الأبواب
من دونه ضرب الرقاب وكل ما .... لا تستطيع الخلق من إعراب
لو أن نشراً هب من أرجائها .... سلب العقول وطاش بالألباب
الاسم ما يعين المسمى في الفهم، ويصوّره في الخيال، ويحصره في الوهم، ويدبره في الفكر، ويحفظه في الذكر، ويوجده في العقل، سواء كان المسمى موجوداً أو معدوماً، حاضراً أو غائباً، فأول كمال تعرّف المسمى نفسه إلى من يجهله بالاسم.
فنسبته من المسمى نسبة الظاهر من الباطن، فهو بهذا الاعتبار عين المسمى، ومن المسميات ما تكون معدومة في نفسها، موجودة في اسمها كعنقاء مغرب في الاصطلاح.
فإنها لا وجود لها إلاَّ في الاسم، وهو الذي كسبها هذا الوجود، منه أعلمت صفاتها التي تقتضيها لذات هذا الاسم، وهو أعني الاسم غير المسمى.
باعتبار أن مفهوم عنقاء مغرب في الاصطلاح: هو الشيء الذي يغرب عن العقول والأفكار، وكن بنقشه على هيئة مخصوصة غير موجودة المثال لعظمها، وليس هذا الاسم بنفسه على هذا الحكم فكأنه ما وضع على هذا المعنى إلاَّ وضعاً آلياً على معقول معنى ليحفظ رتبته في الوجود كيلا ينعدم، فتحسب أن الوجود في ذاته ما هو بهذا الحكم.
فهو السبيل إلى معرفة مسماه، ومنه يصل الفكر إلى تعقل معناه، فألق الإلف من الكلام، واستخرج الورد من الكِمام ، وعنقاء مغرب في الخلق مضادّ لاسمه الله تعالى في الحق، فكما أن مسمى عنقاء في نفسه عدم محض، فكذلك مسمى الله تعالى في نفسه وجود محض.
فهو مقابل لاسم الله باعتبار أن لا وصول إلى مسماه إلا به، فهو أي عنقاء مغرب بهذا الاعتبار موجود، فكذلك الحق سبحانه وتعالى لا سبيل إلى معرفته إلا من طريق أسمائه وصفاته.
إذ كل من الأسماء والصفات تحت هذا الاسم، ولا يمكن الوصول إليه إلاَّ بذريعة أسمائه وصفاته فحصل من هذا أن لا سبيل إلى الوصول إلى الله إلاَّ من طريق هذا الاسم.
واعلم أن هذا الاسم هو الذي اكتسب الوجود بحقيقته، وبه اتضحت له سبيل طريقته، فكان ختماً على المعنى الكامل في الإنسان. وبه اتصل المرحوم بالرحمن، فمن نظر نقش الختم فهو مع الله تعالى بالاسم، ومن عبر المنقوشات فهو مع الله تعالى بالصفات، ومن فكّ الختم فقد جاوز الوصف والاسم، فهو الله بذاته غير محجوب عن صفاته، فإن أقام الجدار الذي يريد أن ينقض، وأحكم الختم الذي يريد أن ينفض، بلغ يتيماً حقه وخلقه أشدهما واستخرجا كنزهما.
واعلم أن الحق سبحانه وتعالى جعل هذا الاسم مرآة للإنسان، فإذا نظر بوجهه فيها علم حقيقة "كان الله ولا شيء معه" وكشف له حينئذ أن سمعه سمع الله وبصره بصر الله وكلامه كلام الله وحياته حياة الله وعلمه علم الله وإرادته إرادة الله وقدرته قدرة الله تعالى.
كل ذلك بطريق الاصالة ويعلم حينئذ ان جميع ذلك انما كان منسوبا اليه بطريق العارية والمجاز، وهي لله بطريق الملك والتحقيق.
قال تعالي : "وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ" 96 سورة الصافات ، وقال في موضع آخر : "إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا" 17 سورة العنكبوت.
فكأن ذلك الشيء الذي يخلقونه هو الشيء الذي بخلقه الله ، فكأن الخلق منسوبا اليهم بطريق العارية و المجاز، وهو الله بطريق الملك والنسبة.
والناظر وجهه في مرآة هذا الاسم يكتسب هذا العلم ذوقاً يكون عنده من علوم التوحيد علم الواحدية، ومن حصل له هذا المشهد كن مجيباً لمن دعا الله، فهو إذن مظهر لاسمه الله، ثم إذا ترقى وصفا من كدر العدم إلى العلم بوجود الواجب، وزكاه الله بظهور القدم من حيث الحدث صار مرآة لاسمه الله. فهو حينئذ مع الاسم كمرآتين متقابلتين توجد كل منهما في الأخرى. ومن حصل له هذا المشهد كان الله مجيباً لمن دعاه، يغضب الله لغضبه ويرضى لرضاه، ويوجد عنده من علوم التوحيد علم الأحدية فما دونها. وبين هذا المشهد والتجلي الذاتي لطيفة، وهي أن صاحب هذا المشهد يتلو الفرقان وحده، والذاتي يتلو جميع الكتب المنزلة فافهم.
واعلم أن هذا الاسم هيولي الكمالات كلها، لا يوجد كمال إلاَّ وهو تحت فلك الاسم، ولهذا ليس لكمال الله من نهاية، لأن كل كمال يظهره الحق من نفسه فإن له في غيبه من الكمالات ما هو أعظم من ذلك واكمل، فلا سبيل إلى الوقوع على نهاية الكمال من الحق بحيث أن لا يبقى مستأثراً عنده، وكذلك الهيولي المعقولة أيضاً لا سبيل إلى بروز جميع صورها بحيث أن لا يبقى فيها قابلية صورة أخرى، هذا لا يمكن البتة فلا يدرك لما في الهيولى من الصور غاية. وإذا كان هذا من المخلوق فكيف في الحق الكبير المتعال. ومن حصل من تجليات الحق في هذا التجلي قال: بأن درك العجز عن الإدراك إدراك.
ومن تجلى له الحق في تجلي معناه عين الله حيث علمه وتحققه حيث عينه فهو لا يقول بالعجز عن الإدراك ولا بما ينافي ذلك، بل يتداعاه الطرفان، فيكون مقامه المقام الذي لا يمكن عنه تعبير. وهو أعلى مشهد في الله، فاطلبه ولا تكن عنه لاه، وقال فيه رحمه الله تعالى:
الله كبر هذا البحر قد زخرا ..... وهيّج الريح موجاً يقذف الدررا
فاخلع ثيابك واغرق فيه عنك ودع ..... عنك السباحة ليس السبح مفتخرا
ومت فميت بحر الله في رغد ..... حياته بحياة اللَّه قد عمرا
واعلم أن الحق سبحانه وتعالى جعل هذا الاسم هيولي كمال صور المعاني الإلهية. وكان كل من تجليات الحق التي لنفسه في نفسه داخلاً تحت حيطة هذا الاسم وما بعده، إلاَّ الظلمة المحضة التي تسمى بطون الذات في الذات. وهذا الاسم نور تلك الظلمة فيه يبصر الحق نفسه، وبه يتصل إلى معرفة الحق، وهو باصطلاح المتكلمين علم على ذات استحقت الألوهية. وقد اختلف العلماء في هذا الاسم، فمن قائل يقول: إنه جامد غير مشتق، وهو مذهبنا لتسمي الحق به قبل خلق المشتق منه. ومن قائل: إنه مشتق من ألِهَ يأله إذا عشق، بمعنى تعشق الكون لعبوديته بالخاصية في الجري على إرادته والذلة لعزة عظمته، فالكون به من حيث هو هو لا يستطيع مدافعة لذلك، لما نزل ماهية وجوده عليه من التعشيق لعبودية الحق سبحانه وتعالى كما يتعشق الحديد بالمغناطيس تعشقاً ذاتياً.
وهذا التعشق من الكون بعبوديته هو تسبيحه الذي لا يفهمه الكل "العاجز" .
وله تسبيح ثان وهو قبوله لظهور الحق فيه.
وتسبيح ثالث وهو ظهوره في الحق باسم الخلق.
وتسبيحات الكون كثيرة لله تعالى، فلها بنسبة كل اسم لله تسبيح خاص يليق به بذلك الاسم الإلهي، فهي تسبيح لله تعالى باللسان الواحد في الآن الواحد بجميع تلك التسبيحات الكثيرة المتعددة التي لا يبلغها الإحصاء. وكل فرد من أفراد الوجود بهذه الحالة مع الله، فاستدل من قال بأن هذا الاسم مشتق بقولهم إله ومألوه. فلو كان جامداً لما تصرف، ثم قالوا: إن هذا الاسم لما كن أصله إله ووضع للمعبود دخله لام التعريف فصار الإله، فحذف الألف الأوسط منه لكثرة الاستعمال فصار الله. وفي هذا الاسم لعلماء العربية كلام كثير فلنكتف بهذا القدر من كلامهم للتبرّك.
واعلم أن هذا الاسم خماسي لأن الألف التي قبل الهاء ثابتة في اللفظ ولا يعتد بسقوطها في الخط لأن اللفظ حكم على الخط.
واعلم أن الألف الأولى عبارة عن الأحدية التي هلكت فيها الكثرة ولم يبق لها وجود بوجه من الوجوه. ذلك حقيقة قوله تعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ}[القصص، الآية:88 ] يعني وجه ذلك الشيء، وهو أحدية الحق فيه ومنه، له الحكم فلا يقيد بالكثرة إذ ليس لها حكم.
ولما كانت الأحدية أول تجليات الذات في نفسه لنفسه بنفسه كان الألف في أول هذا الاسم، وانفراده بحيث لا يتعلق به شيء من الحروف تنبيهاً على الأحدية التي ليس للأوصاف الحقيقية ولا للنعوت الخلقية فيها ظهور. فهي أحدية محضة اندحضت فيها الأسماء والصفات والأفعال والتأثيرات والمخلوقات، وإليه إشارة بسائط هذه الحروف باندحاضها فيه، إذ بسائط هذا الحرف ألف ولام وفاء، فالألف من البسائط يدلّ على الذات الجامعة.
وثم نكتة أخرى:
وهي النقطة التي في رأس الفاء كنها هي التي دائرة رأس الفاء محلها، وهنا إشارة لطيفة إلى الأمانة التي حملها الإنسان، وهي أعني الأمانة كمال الألوهية، كما أن السماء والأرض وأهليهما من المخلوقات لم تستطع حمل هذه الأمانة.
وكذلك جميع الفاء ليس محلاً للنقطة سوى رأسها المجوف الذي هو عبارة عن الإنسان.
وذلك لأنه " أول ما خلق الله روح نبيك يا جابر " : رئيس هذا العالم، وفيه قيل فكذلك القلم من يد الكاتب أول ما يصوّر رأس الفاء، فتحصل من هذا الكلام وما قبله أن أحدية الحق يبطن فيها حكم كل شيء من حقائق أسمائه وصفاته وأفعاله ومؤثراته ومخلوقاته.
ولا يبقى إلاَّ صفة ذاته المعبر عنها من وجه بالأحدية، وقد تكلمنا في هذا الاسم بعبارة أبسط من هذا في كتابنا المسمى بـ [الكهف والرقيم، في شرح بسم الله الرحمن الرحيم] ، فلينظر هناك.
والحرف الثاني من هذا الاسم: هو اللام الأول، فهو عبارة عن الجلال ولهذا كان اللام ملاصقاً للألف لأن الجلال أعلى تجليات الذات ، وهو أسبق اليها وقد ورد في الحديث النبوي : "العظمة إزاري، والكبرياء ردائي " ولا اقرب من الازرار و الرداء الي الشخص ، فثبت ان صفات الجلال أسبق اليه من صفات الجمال: إليها من الجمال.
ولا يناقض هذا قوله تعالى "سبقت رحمتي غضبي" فان الرحمة السابقة انما هي شرط العموم ، والعموم من الجلال .
واعلم أن الصفة الواحدية الجمالية إذا استوفت آمالها في الظهور أو قاربت سميت جلالاً ، لقوة ظهور سلطان الجمال، فمفهوم الرحمة من الجمال وعمومها وانتهاؤها هو الجلال.
الحرف الثالث هو اللام الثاني: وهو عبارة عن الجمال المطلق الساري في مظاهر الحق سبحانه وتعالى، وجميع أوصاف الجمال راجع إلى وصفين: العلم واللطف. كما أن جميع أوصاف الجلال راجع إلى وصفين: العظمة والاقتدار.
ونهاية الوصفين الأولين إليهما، فكأنهما وصف واحد، ومن ثم قيل: إن الجمال الظاهر للخلق إنما هو جمال هو الجلال، والجلال انما هو جمال الجمال المتلازم كل واحد منهما الاخر . فتجليتهما في المثل كالفجر الذي هو اول مبادئ طلوع الشمس الى نهاية طلوعها فنسبة الجمال نسبة الفجر و نسبة الجلال نسبة شروقها .
وهذا الاشراق من ذلك الفجر وذلك الفجر من ذلك الاشراق ، فهذا معني جمال الجلال و جلال الجمال. ولما كان هذا اللام إشارة إلى هذين المظهرين لكن باختلاف المراتب، وكنت بسائطه لام ألف ميم، وجملة هذه الأعداد أحد وسبعون عدداً، وتلك هي عدد الحجب التي أسدلها الحق دونه بينه وبين خلقه.
وقد قال النبي صلي الله عليه وسلم :"ان لله نيفا وسبعين حجابا من نور وهو الجمال وظلمة وهو الجلال لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره ".
يعني الواصل إلى ذلك المقام لا يبقى له عين ولا أثر، وهي الحالة التي يسميها الصوفية المحق والسحق. فكل عدد من أعداد هذا الحرف إشارة إلى مرتبة من مراتب الحجب التي احتجب الله تعالى بها عن خلقه وفي كل مرتبة من مراتب الحجب ألف حجاب من نوع تلك المرتبة العزّة مثلاً، فإنها أول حجاب قيد الإنسان في المرتبة الكونية، ولكن له ألف وجه. وكل وجه حجاب، وكذلك بواقي الحجب، ولولا قصد الاختصار لشرحناها على أتم الوجوه واكملها وأخصها وأفضلها.
الحرف الرابع من هذا الاسم: هو الألف الساقط في الكتابة، ولكنه ثابت في اللفظ،
وهو ألف الكمال المستوعب الذي لا نهاية ولا غاية له، وإلى عدم غايته الإشارة بسقوطه في الخط لأن الساقط لا تدرك له عين ولا أثر. وفي ثبوته في اللفظ إشارة إلى حقيقة وجود نفس الكمال في ذات الحق سبحانه وتعالى، فعلى هذا الكامل من أهل الله في أكمليته يترقى في الجمال. والحق سبحانه وتعالى لا يزال في تجليات، وكل تجلّ من تجلياته في ترقّ في أكمليته، فإن الثاني يجمع الأول، فعلى هذا تجلياته أيضاً في ترق.
ولهذا قال المحققون: إن العالم كله ترقّ في كل نفس لأنه أثر تجليات الحق وهي في الترقي، فلزم من هذا أن يكون العالم في الترقي.
فإن قلت بهذا الاعتبار: إن الحق سبحانه وتعالى في ترقّ وأردت بالترقي ظهوره لخلقه، جاز هذا الحديث في الجناب العالي الإلهي، تعالى الله سبحانه عن الزيادة والنقصان،وجلّ أن يتصف بأوصاف الاكوان.
الحرف الخامس من هذا الاسم: هو الهاء، فهو إشارة إلى هوية الحق الذي هو عين الإنسان، قال الله تعالى قل يا محمد هو أي الإنسان {الله أحد} ، فهاء الإشارة في هو راجع الى فاعل قل و هو أنت، وإلا لا يجوز إعادة الضمير إلى غير مذكور ، أقيم المخاطب هنا مقام الغائب التفاتا بيانيا إشارة إلى أن المخاطب بهذا ليس نفس الحاضر وحده ، بل الغائب و الحاضر في هذا علي السواء.
قال الله تعالي :{وَلَوْ تَرَى إِذْ وُقِفُوا} ليس المراد به محمدا وحده، بل كل راء فاستدارة رأس الهاء اشارة الى دوران رحى الوجود الحقي والخلقي على الانسان، فهو في عالم المثال كالدائرة التي أشار الهاء اليها، فقل ما شئت. إن شئت قلت الدائرة حق وجوفها خلق، وإن شئت قلت إن الدائرة خلق وجوفها حق فهو حق وهو خلق. وإن شئت قلت الأمر فيه بالإلهام . فالأمر في الإنسان دوري بين أنه مخلوق له ذل العبودية والعجز وبين أنه على صورة الرحمن، فله الكمال والعز. قال الله تعالى: {فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ} يعني الإنسان الكامل الذي قال فيه: "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ"، لأنه يستحيل الخوف والحزن ، وأمثال ذلك على الله؟! لأن الله هو الولي الحميد ، {وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} أي الولي، فهو حق متصور في صورة خلقية ، آو خلق متحقق بمعاني الإلهية. فعلى كل حال وتقدر وفي كل مقال وتقرير هر الجامع لوصفي النقص والكمال، والساطع في أرض كونه بنور شمس المتعال، فهو السماء والأرض وهو الطول والعرض، وفى هذا المعني قلت :
لي الملك في الدارين لم أر فيهما .... سواي فأرجو فضله أو فأخشاه
ولا قبل من قبلي فألحق شأنه ..... ولا بعد من بعدي فأسبق معناه
وقد حزت أنواع الكمال وإنني ..... جمال جلال الكلّ ما أنا إلاَّ هو
فمهما ترى من معدن ونباته ..... وحيوانه مع أنسه وسجاياه
ومهما ترى من عنصر وطبيعة .... ومن هباء للأصل طيب هيولاه
ومهما ترى من أبحر وقفاره .... ومن شجر أو شاهق طال أعلاه
ومهما ترى من صورة معنوية ...... ومن مشهد للعين طاب محياه
ومهما ترى من فكرة وتخيل ..... وعقل ونفس أو فقلب وكحشاه
ومهما ترى من هيئة ملكية ...... ومن منظر إبليس قد كن معناه
ومهما ترى من شهوة بشرية ...... لطبع وإيثار لحق تعاطاه
ومهما ترى من سابق متقدم ...... ومن لاحق بالقوم لفاه ساقاه
ومهما ترى من سيد ومسود ...... ومن عاشق صبّ صبا نحو ليلاه
ومهما ترى من عرشه ومحيطه ...... وكرسيه أو رفرف عز مجلاه
ومهما ترى من أنجم زهرية ...... ومن جنة عدن لهم طاب مثواه
ومهما ترى من سدرة لنهاية ....... ومن جرس قد صلصلا منه طرفاه
فإني ذاك الكلّ والكلّ مشهدي ....... أنا المتجلي في حقيقته لا هو
وإني ربّ للأنام وسيد ........ جميع الورى اسم وذاتي مسماه
لي الملك والملكوت نسجي وصنعتي ..... لي الغيب والجبروت مني منشاه
وها أنا فيما قد ذكرت جميعه ....... عن الذات عبد آيب نحو مولاه
فقير حقير خاضع متذلل ....... أسير ذنوب قيدته خطاياه
فيا أيها العرب الكرام ومن همو ...... لصبهم الولهان أفخر ملجاه
قصدتكم أنتم قصارى ذخيرتي ...... وأنتم شفيعي في الذي أتمناه
ويا سيداً حاز الكمال بأثره ...... فأضحى له بالسبق شأو تعالاه
لأستاذ شيخ العالمين وشيخهم ..... ونور حواه الأكملون ولألاه
عليكم سلامي كل يوم وليلة ...... تزيد على مرّ الزمان تحاياه