آخر الأخبار

جاري التحميل ...

تفريخ الأرواح ومفتاح السرور والأرواح في جواز السماع (3)

القسم الثاني
في الغناء المقارن للدف والشبابة


فقال أصحابنا المالكية: من السنة إعلان النكاح بالدف وحكاه شارح المقنع عن الحنابلة وأبو بكر العامري عن الشافعية. وذهبت طائفة إلى إباحته مطلقا وعليه جرى إمام الحرمين، والغزالي ، وحكى غير واحد من الشافعية وجهين في غير النكاح والختان، وصحح الرافعي الجواز، وكذا القاضي أبو بكر بن العربي من المالكية.

وأما الشبابة - وهي القصبة المثقبة: قال أصحاب الموسيقى: إنها آلة كاملة وافية بجميع النغمات - فاختلف العلماء فيها: فذهبت طائفة إلى التحريم وذهبت طائفة إلى الإباحة، وهو مذهب جماعة من الشافعية، واختاره الغزالي، والعامري، والرافعي - في الشرح الصغير - وقال: انه الأظهر، وقال - في الكبير - : إنه الأقرب، واختاره الإمام: عز الدين بن عبد السلام، والإمام تقي الدين بن دقيق العيد، والإمام قاضي القضاة: ابن جماعة: وقال تاج الدين الشريسي: إنه مقتضى المذهب، وقال الرافعي: إن نبي الله داود عليه الصلاة والسلام كان يضرب بها في غنمه، قال: وروى عن الصحابة الترخيص في الراعى.
قالوا: والشبابة تجري الدمع، وترقق القلب، وتحث على السير، وتجمع البهائم إذا سرحت، ولم يزل أهل الصلاح والمعارف والعلم يحضرون السماع بالشبابة، وتجري على أيديهم الكرامات الظاهرة، وتحصل لهم الأحوال السنية، ومرتكب المحرم - لا سيما إذا أصر عليه - يفسق به وقد صرح إمام الحرمين، والمتولي وغيرهما من الأيمة بامتناع جريان الكرامة على يد الفاسق.

القسم الثالث
وهو سماع الغناء بالأوتار وسائر المزامير

أما العود - وهو معروف، ويقال إن أول من صنعه مالك بن آدم ابي البشر عليه السلام لما مات ولده، وقيل صنعه أهل الهند على طبائع الإنسان - فقد اختلف العلماء فيه وفيما جرى مجراه من الآلات المعروفة ذوات الأوتار، فالمشهور من مذاهب الأئمة الأربعة أن الضرب به وسماعه حرام وذهبت طائفة إلى جوازه، ونقل سماعه عن: عبد الله بن عمر، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن الزبير، ومعاوية بن أبي سفيان وعمر بن العاص، وغيرهم. ومن التابعين عن: خارجة بن زيد وعبد الرحمان بن حسان، وسعيد بن المسيب، وعطاء بن أبي رباح، والشعبي، وابن أبي عتيق، وأكثر فقهاء المدينة، ونقل عن مالك سماعه وليس ذلك بالمعروف عند أصحابه، وقال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي - في كتابه شرح الترمذي الذي سماه بالعارضة لما تكلم على إباحة الغناء - : وإن زاد فيه أحد على ما كان في عهد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عودا يصوت عليه نغمة فقد دخل في قوله: مزمار الشيطان في بيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟! فقال: دعهما فإنه يوم عيد، وإن اتصل نقرطنبور به، فلا يؤثر أيضا في تحريمه، فإنها كلها آلات تتعلق بها قلوب الضعفاء وللنفس عليها استراحة وطرح لثقل الجد الذي لا تحمله كل نفس: ولا يتعلق به قلب، فإن تعلقت به نفس فقد سمح الشرع لها فيه العود يسمى طنبورا، وهو المعروف في اللغة. وحكى إباحته المارودي عن بعض الشافعية، ومال إليه الأستاذ: أبو منصور البغدادي، ونقل عن الشيخ أبي إسحاق الشيرازي أنه كان مذهبه ومشهورا عنه، وأنه لم ينقل عن أحد من العلماء أنه أنكره عليه، حكاه ابن طاهر المقدسي عنه، وكان قد عاصر الشيخ، وحكاه عن أهل المدينة، وادعى أنه لا خلاف بينهم فيه، وكان إبراهيم بن سعد: من علماء المدينة يقول بإباحته، ولا يحدث حديثا حتى يضرب به، ولما قدم بغداد واجتمع بالخليفة هارون قال له: حدثنا يا إبراهيم حديثا، ائتني بالعود يا أمير المؤمنين، قال: أتريد عود المجمر أم عود الغناء؟ قال: لا، عود الغناء، فأحضره له فضرب به وغناه ثم حدثه. وإبراهيم بن سعد أحد شيوخ الشافعي رضي الله عنه، وروى عنه البخاري، وهو إمام مجتهد مشهور، عدل بارز ثقة مأمون، ولما ضرب بالعود بين يدي هارون الرشيد قال له يا إبراهيم من قال بتحريم هذا من علمائكم؟ قال: من ربطه الله يا أمير المؤمنين. وذكر الإمام ابن عرفة - في مختصره الفقهي عن إبراهيم بن سعد - إباحة الغناء بالعود، ونقل الإمام المازري من أصحابنا المالكية عن عبد الله بن عبد الحكم أنه مكروه، وحكي عن الإمام عز الدين بن عبد السلام أنه مباح، ثم اختلف الذين ذهبوا إلى تحريمه هل هو كبيرة أو صغيرة؟ والأصح - عند المتأخرين من الشافعية أنه صغيرة، وهو اختيار إمام الحرمين ولا ترد بسماعه شهادة وحكى المازري في شرح التلقين عن ابن عبد الحكم أنه قال: إذا كان في عرس أو صنيع فلا ترد به شهادة، قال الأستاذ: شرف الدين بن الفارض - رضي الله عنه:

ولاتك باللاهي عن اللهو معرضا ... فهزل الملاهي جّد نفس مجدة.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية