أخرج مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد من يوم النحر حين ارتفع النهار شيئا فكبر فكبر الناس بتكبيره ثم خرج الثانية من يومه ذلك بعد ارتفاع النهار فكبر فكبر الناس بتكبيره ثم خرج الثالثة حين زاغت الشمس فكبر فكبر الناس بتكبيره حتى يتصل التكبير ويبلغ البيت فيعلم أن عمر قد خرج يرمي . أورده السيوطي في الدر المنثور، فهذا ثبوت الذكر جهراً في المسجد وغيره من السوق والفسطاط والمجلس والمَمْشَى وغيرها، هذا الجهر الذي يرتج له مِنًى والجمُّ الغفير من العسكر "فالله أكبر".
ومنها حديث أنس عند البخاري قال : (صَلَّى النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة الظهر أربعاً والعصر بذي الحليفة ركعتين وسمعتهم يصرخون بهما جميعاً) قال الحافظ ابن حجر وفيه حجة للجمهور في استحباب رفع الأصوات بالتلبية، وقد روى مالك في الموطأ وأصحاب السنن وصححه الترمذي وابن خزيمة والحاكم من طريق خلاد بن السايب عن أبيه مرفوعاً : (جاءني جبريل فأمرني أن آمُرَ أصحابي يرفعون أصواتهم بالإهلال) . ورجاله ثقات.
وروى ابن أبي شيبة بإسناد صحيح عن بكر بن عبد الله المزني قال : (كنت مع ابن عمر حتى أسمع ما بين الجبلين). وأخرج أيضاً بإسناد صحيح عن بكر بن عبد الله المزني من طريق المطلب بن عبد الله قال : (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعون أصواتهم بالتلبية ترتج أصواتهم). انتهى.
ومنها حديث أنس عند البخاري أيضاً قال : ( صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَنَحْنُ مَعَهُ بالمدينة الظُّهْرَ أَرْبَعًا ، وَالْعَصْرَ بِذِي الْحُلَيْفَةِ رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ بَاتَ بِهَا حَتَّى أَصْبَحَ ، ثُمَّ رَكِبَ حَتَّى اسْتَوَتْ بِهِ عَلَى الْبَيْدَاءِ , حَمِدَ اللَّهَ , وَسَبَّحَ , وَكَبَّرَ ، ثُمَّ أَهَلَّ) الحديث.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري استحباب التسبيح وما ذكر معه قبل الإهلال قلَّ من تعرَّضَ لذكره مع ثبوته. انتهى.
فهذا جهر النبي صلى الله عليه وسلم وإسماعه الصحابة بأنواع من الذكر من التحميد والتسبيح والتكبير قبل التلبية التي هي من أنواع الذكر أيضاً.