فــصـــل
هذا الحديث يجيء بالقيل والقال . ما احترق لسان قط بقوله " نـار " . و لا استغنى أحد بقوله " ديـنـار " . القول قشر والمعنى لب . القول صدف والمعنى در ، فماذا تصنع بالقشر مع فقدان اللب ، وماذا تصنع بالصدف مع فقدان الجوهر ، هذه الكلمة مع معناها بمنزلة الروح مع الجسد ، وكما لا ينتفع بالجسد دون الروح فكذلك لا ينتفع بهذه الكلمة بدون معناها، فعالم الفضل أخذوا هذه الكلمة بصورتها ومعناها فزينوا بصورتها ظواهرهم وزينوا بمعناها بواطنهم فحصل لهم بها خير الدنيا و الآخرة وبرز لهم شهادة القدم بالتصديق " شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ ".
وعالم العدل أخذوا هذه الكلمة بصورتها دون معناها زينوا بالكلمة ظواهرهم بالقول وبواطنهم بالكفر وقلوبهم مسودة مظلمة ، فحسنوا بها أعراضهم وحصلوا بها أغراضهم وغداً تأتيهم ريح من صوب القدرة تطفئ ذلك النور فيبقون في ظلمة كفرهم "ذَهَبَ اللّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لاَّ يُبْصِرُونَ" وبرزت لهم شهادة القدم عليهم بالتكذيب "وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُون" .