فــصـــل
أترى إذا قلت : لا إله إلا الله و أنت عابد هواك ودرهمك ودينارك ودنياك ماذا يكون جوابك ؟ كذبت يا عبدي لم تقول ما لم يكن ؟ (كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ)
وأنت عابد هواك ( أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ) و أنت عابد دينارك ودرهمك " تعس عبد الدينار تعس عبد الدرهم تعس عبد الخميصة تعس وانتكس ، و إذا شيك لا انتقش " ما دمت تقول لا إله إلا الله و أنت تسكن إلى أهل و وطن وتركن إلى أهل ومال ومسكن فلست بقائل ، كل قول كذبه الفعل فهو مردود . لسان الحال أفصح من لسان المقال ، إن كان قولك لا إله إلا الله يثمر معنى في القلب فلم تعوذ بفلان وتلوذ بفلان وترجو فلاناً وتخاف فلاناً ؟ . ما دمت تقول لا إله إلا الله وتأنس بغيرنا فلسنا لك ولست لنا ، من كان لله كان الله له ( وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ - وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ ) كانوا لنا وكنا لهم .
يا عبدي لم تلوذ بغيري و أزمة الأمور كلها بيدي ، أنا مالك الملك أتصرف في ملكي ، بحق ملكي لا يكون في هذا العالم إلا ما أشاء و لا يقع في الكون إلا ما أريد ، فلا تلذ بسواي ، و لا تقنط من رحمتي فإنه لا يقنط من رحمتي إلا كافر ، و لا يأمن مكري إلا خاسر (إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ - فَلاَ يَأْمَنُ مَكْرَ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ) .
فــصـــل
إذا قلت " لا إله إلا الله " إن كان مسكنها منك اللسان فلا ثمرة لها في القلب فأنت منافق ، و إن كان مسكنها منك القلب فأنت مؤمن ، و إن كان مسكنها منك الروح فأنت عاشق ، و إن كان مسكنها منك السر فأنت مكاشف .
فالإيمان الأول : إيمان العوام.
والثاني : إيمان الخواص.
والثالث : إيمان خواص الخواص.
فالأول ثمرة خبر صدق مجرد ، والثاني ثمرة بصيرة وانشراح صدر ، و الثالث ثمرة مكاشفة ومشاهدة ،وإياك أن تكون مؤمناً بلسانك دون قلبك فتنادى عليك هذه الكلمة في عرصات القيامة إلهي صحبته كذا وكذا سنة فما اعترف بحقي و لا رعى حرمتي ، فإنَّ هذه الكلمة تشهد لك أو عليك ، فإن كنت من عالم الفضل شهدت لك ، و إن كنت من عالم العدل شهدت عليك ، فعالم الفضل تشهد لهم بالاحترام حتى تدخلهم الجنة وعالم العدل تشهد عليهم بالإجرام حتى تدخلهم النار( فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ ).