فإن قيل فكيف اخترتم ذلك، وليس في اللغة لهُ أصل ؟ قيل إن اللغة تـشهد لمـا قلناه و ذلك أنهم أطلقوا هذه التسمية على من اعتقدوا فيه َ صـفة التعظـيم و اسـتحقاق ذلـك وأصابوا في الجملة و أخطأوا في التعيين.
و يجوز أن يكون بمعنى الشيء اسم عندهم في الجملة و إن أخطأوا في تعيين ذلـك الـشيء كـما أنهم يعرفون معنى الحسن والقبح في الجملة، و لكـن أخطـأوا في تعيـين بعـض الأشـياء بأنـه حسنة و أنها قبيحة.
كذلك أخطأوا في تعيين المستحق للتعظيم المستوجب لكمال الأوصاف فإذا ثبت معناه فنظرنـا في أوصاف الباري سبحانه فلم يكن صفة من صفات ذاته إلا ويجوز أن يكون لغيره ذلـك إلا القدرة على الاختراع، فعلمنا أنه في الوصف الذي لا يليق بصفة غيره الذي به يظهر الحـوادث و به يمكن من تنفيذ مراداته فقلنا الإلهية هي القدرة على اختراع الأعيان.
و اختلف النحويون في أصل هذه الكلمة. فقال الكوفيون أصله (لاه) ثم أُدخل فيه الألف والـلام للتعريـف فاجتمعـت لامـان ثـانيهما متحركة فأدغمت إحداهما في الأخرى َ فصار االله.
وقال البصريون أصله: (إله) فأدخل فيه الألف واللام للتعريف فصار: (الإلاه) فاجتمع فيـه همزتان بينهما ساكن والـساكن عنـدهم لا يحجـز حجـزا حـصينا، و مـن حكـم الهمـزتين إذا اجتمعتا حذف إحداهما أو تسكينُها فلـم يُمكـنهم حـذف الأولى ولا تـسكينُها لأنهـا جُلبـت لسكون اللام، و لم يُمكنهم تسكين الثانية لأنه كان يؤدي إلى توالي ثـلاث حركـات فحـذفوها أصلا ثم أدغموا إحدى اللامين في الأخرى ثم صار لام التعريف فيه بمنزلة جـزء مـن سـنخ الكلمة و لزمته لزوما لا تفارقه و لهذا جاز أن يقال في النداء يا االله على {أن} ياء النـداء قد يدخل لام التعريف و من ذلك قول الشاعر :
من أجلك يا التي تيَّمَت قلبي وأنتِ بخيلةٌ بالوصل عنِّي
و من الناس من قال الألف واللام في االله للتفخيم دون التعريف، والـصحيح أنهـا للتعريـف فكأنك أفردت المعبود باستحقاق الإلهية دون غـيره مـن الأصـنام والأوثـان التـي ادعـى لهـا استحقاق العبادة.
و أما قوله:(اللًَّهُمَّ) فمن الناس من قـال معنـاه : يـا االله أُمَّنَـا بخـير أي اقـصدنا بخـير، ومنهم من قال الميم زائدة في آخر الكلمة كما قالوا:
زُرْقُم وسُتْهُمٌ وقيل معناه يا االله فجعلت المـيم فيـه بـدلا مـن حـرف النـداء ولذلك لا تجتمعان و قيل في الشواذ يا اللهم و منه قول الشاعر:
و ما ِ عليكِ أن تقولي كلَّما سبَّحَتِ أوصَلَّيتِ يا اللهمّا اردد علينا شيخنا مسلَّما
قال الكوفيون فإذا قيل أصله : لاه فهو على وزن فعل بفتح العين لأن الألف قط لا تكون في كلامهم إلا منقلبة ومزيدة، ولا يجوز أن تكون ههنا مزيدة لأن أقل الأسـماء ثلاثـة أحـرف فلـو كانـت ألفـه مزيدة لنقص حروف هذا الاسم في الأصل عن ثلاثة أحرف، و إذا كانت منقلبة فلا ينقلـب إلا عـن الواو و الياء إذا كانتا متحركتين و انفتح ما قبلهما فأما إذا كانـت سـاكنة فـلا ينقلـب كالمـصطفون والمصطفين فإذا ثبت أنها تنقلب إذا كانت متحركة فالحركة مقدرة في الألف لأنها لو سقطت عادت إلى أصلها في أن لا تنقلب، فلهذا قالوا إنه على وزن فعل بفتح العين، و الأشبه أن يقال إن الألف ها هنـا
قد انقلبت عن الياء على هذا القول كقولهم : لهى أبوك أي الله أبوك