العلم طريق العمل، والعمل طريق العلم، والعلم طريق المعرفة، والمعرفة طريق الكشف، والكشف طريق الفنا.
العلم العملي طريق العمل إذ لا يصح عمل إلا بالعلم بكيفيته، والعمل طريق العلم اللدني، قال الله تعالى : {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} وقال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ عَمِلَ بِمَا عَلِمَ أوْرَثَهُ اللهُ عِلْمَ مَا لَمْ يَعَلَم) والعلم اللدني طريق المعرفة بالله لأنها إنما تحصّل بما أمرك الله من التعرف، وهو تعالى يتعرف إلى عباده بقدر ما وهبهم من العلم اللدني، ومَن تعرَّف إليه عرفَ نفسه، ومن عرف نفسه عرف ربّه، ومن عرف ربه جهل نفسه، فالتعرف يتعلق بمعرفة النفس، ومعرفة النفس تتعلّق بمعرفة الرب، ومعرفة الرب تتعلق بجهل النفس، ففي الخبر : (أعرفكم بنفسه أعرفكم بربه) والمعرفة بالله طريق الكشف على حقائق الأشياء، والكشف طريق الفنا عمّا سوى الله تعالى بأن لا يرى غيره؛ لأن العبد إذا علم أنه مخلوق وأن كل مخلوق فان، شاهد ببصيرته أنه فان، وفناء الفنا أن لا ترى فناك، وهذا يسمّى الفنا المفسّر برؤيتك أن الله محيط بكل شيء، والفناء يكون علمًا ثم عينًا ثم حقًّا؛ لأن الفنا ثلاثة أقسام :
فناء في الأفعال كقولهم : لا فاعل إلا الله تعالى.
وفناء في الصفات كقولهم : لا حي إلا الله.
وفناء في الذات كقولهم : لا موجود إلا الله.
والثلاثة مراده بقول بعض العارفين : "من شهد الخلق لا فعل لهم فقد فاز، ومن شهدهم بلا حياة لهم فقد حاز، ومن شهدهم عين العدم فقد وصل".