الفصل السادس : وأما الحزن فهو من منازل العوام
وأما الحزن فإنه من منازل العوام، وهو انخلاع عن السرور وملازمة الكآبة لتأسف على فائت أو توجع لممتنع. وإنما كان من منازل العوام، لأن فيه نسيان المنة والبقاء في رق الطبع. وهو في مسالك الخواص لأن معرفة الله تعالى جلا نورها كل ظلمة، وكشف سرورها كل غمة، فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون.
وقيل أوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام : بي فافرح، وبذكري فتلذذ، وبمعرفتي فافتخر، فَعمَّا قليل أُفَرِّغُ الدار من الفاسقين وأنزل لعنتي على الظالمين.
وقيل أن عتبة الغلام دخل يوما على رابعة العدوية وعليه قميص جديد وهو يتبختر في مشيته، بخلاف ما سبق من عادته. فقالت له : يا عتبة ما هذا التِّيهُ والعُجب الذي لم أره في شمائلك قبل اليوم ؟ فقال لها : يا رابعة ومن أولى بهذا مني وقد أصبح لي مولا وأصبحت له عبدا. وفي ذلك قيل شعر :
يُبَرِّحُني إليك الوَجْدُ حتى أميل من اليمين إلى الشمال
ويأخدني لذكركم اهتزاز كما نُشِطَ الأسير من العقال