فــصـــل
ما لم تتصل حدود " لا إله" بحدود "إلا الله" فأنت في خرابة من خرابات الحصن ، " لا إله " بعض الحصن و بعض الحصن لا يكون حصناً ؛ قال " لا إله إلا الله حصني " ومن قال " لا إله " فحسب فالكلمة بأسرها هي الحصن لا جزء منها ، فإذا اتصلت حدود " لا إله " بحدود " إلا الله " فقد تم الحصن وكمل بأجزائه و أركانه ، فإن كل حصن لابد له من أربعة أركان ، وقولك " لا إله إلا الله " أربع كلمات كل كلمة منها ركن ،فمهما لم تتصل الحدود فالحصن لم يتم بأركانه ، وكما أن له أربعة أركان من جهة الصورة فله أربعة أركان من جهة المعنى ، وهى الصلاة والزكاة والصوم والحج وهى الخامسة " بني الإسلامُ على خمس "
فــصـــل
و اعلم أن هذا الحصن متحصن في مدينة إنسانيتك في ولاية القلب ، وكل من في هذه المدينة من سمع و بصر ويد ورجل رعايا له خدم ، فهم مسخرون له بالقهر والقسر ، ومستخدمون له تحت الأمر والنهى ، خلقوا على موافقته وجبلوا على ترك مخالفته، فإن أمر العين بالنظر نظرت ، و إن أمر الأذن بالاستماع سمعت ، و إن أمر اليد بالبطش بطشت ، و إن أمر الرجل بالمشي مشت ، و إن أمرها بضد ذلك فعلت ، فهم طائعون لأمره ، متجنبون لمواطن زجره ، فإن كان قاسطاً في ملكه استعمل هذه الجوارح في العبث والفساد والمخالفة والعناد فيأمر العين فلا تنظر إلا إلى المحرمات ، و يأمر الأذن فلا تسمع إلا المحرمات ، و يأمر اليد فلا تبطش ولا تتناول إلا المحرمات ، وكذا الرجل لا تمشى إلا إلى المحرمات فهم لا ينظرون لا يسمعون ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَعْقِلُونَ ) ( لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ) و إن كان مقسطاً في مملكته استعمل هذه الجوارح في الطاعة والعبادة ، فيأمر العين فلا تنظر إلا بالأمر ، و يأمر الأذن فلا تسمع إلا بالأمر ، و يأمر اليدين والرجلين وكذلك سائر الجوارح فتظهر البركة والطهارة وإليه الإشارة بقوله " إن في الجسد مضغةً إذا صلَحت صلَح الجسد كله ، وإذا فسدت فسد الجسد كله ، ألا وهي القلب ".