قلتُ لصديقي :
لماذا أراك مولعا بالتعنت، متهافتًا على تنقيص أقدار الناس مسقطا لمنازلهم، غير متردد في تحجير كل واسع مهما اتسع غير منخلع عن كل فعل ذميم..
قال لي :
يركبني شيطاني، فأركب إغوائي، فأجدني في نكد دائم، ملبسا إبليسيتي، ومع ذلك لا يفارقني ميل للإقلاع والانخلاع عن هذا الإغواء والإفساد والتمرد وسوء تقدير..
قلت له :
اسمع يا هذا بعضا مما يقوله سيدي حمزة القادري بودشيش رضي الله عنه وأرضاه :
"يحارب الشيطان الإنسان من البداية حتى النهاية كي يخرجه ويعمر قلبه بأمور أخرى؛ لأنه جيش من الشر يتحارب مع جيش من النور، والذي تكون له الغلبة يسكن.. عندما يصل الإنسان إلى النهاية، ويدخل حضرة الله لا يبقى للشيطان طريق للوصول إليه.
ماذا يبقى ؟ يبقى مكر الله.
يبقى التأدب مع الربوبية.
يبقى التأدب مع الشريعة.
يبقى التأدب مع خلق الله.
يبقى الإنسان مراقبا نفسه؛ لأنه يخاف من مكر ربه. {فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ} صدق الله العظيم.
واسمعه رضي الله عنه يقول : "ثلاثة محطات يمر منها المريد : محطة الشيطان. محطة النفس. مكر الله؛ ومكر الله لا يؤمن إلا بالأدب مع الله".
ختمت حديثي العابر مع صديقي مذكرا إياه أن عبادة الله هي المدخل للصلاح، لكنها مشروطة بالإخلاص والصدق والصبر.
هذه أصول ثلاثة مشدودة بعضها إلى بعض؛ متى تعطل أحدها تعطل الآخران..
عبد اللطيف شهبون