آخر الأخبار

جاري التحميل ...

النفحات الإلهية في كيفية سلوك الطريقة المحمدية (10)

النفحات الإلهية في كيفية سلوك الطريقة المحمدية (10)


فهذا مما يرشد إلى ذلك ويدل عليه، فكل أمور أهل الطريق على السنة وقياسها بإذن الله تعالى، وإن لم يعلم بدليلهم الواقف على قيلهم، وقد ورد أن عبادة معبودين في الشرع كفر، وفي الطريقة الكريمة رؤية موجودين كذلك كفر، لأن ما ثمَّ موجود بذاته لذاته إلا الله الأول الآخر الظاهر الباطن وهو بكل شيء عليم من الكائنات وغيرها، ووجود الكائنات به لا بها، وله لا لها، فلا موجودين على الدوام لذاتها بل الوجود الحق هو الله، وكل ما ترى من أفعال الله كما قال تعالى : {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا * وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} فوجود موجودين بذاتهما لا وجود له ولا يظهر هذا إلا في الطريق ظهورا واضحا، والبيعة الحقيقيّة وسيلة إلى حصول هذا المعنى بطريق اليقين ابتداء والمعاينة غايتها، وفي الطريق ليس وراء ذلك الواحد الحقيقي شيء حتى يرده إليه ويقبل على غيره، والواحد مشهود في كل واحد وموجود بلا واحد، وينبغي للمريد الصوري والمعنوي أن ينوي بعد التوبة والتنصل تسليم نفسه إلى الشيخ الكامل المتخلق بكمال : "تخلقوا بأخلاق الله" بحسب الوقت وأهله، وأن يدخل في طاعته باستعداد الإرادة والانطراح تحت أمره إن كان يريد التجريد وتيسرت له الأسباب، وإن كان في السبب فكذلك، إلا أن يكون في سببه مع تسليمه لما يأمره به وينهاه عنه، ويخبر الشيخ بقصده وانقطاعه ويلتزم على نفسه حرمة الشيخ وجوبا وطاعة أمره فيما نهاه وتركه مطلقا، وما أمره لا يفعل غيره وإن بدى له في الأمر شيء يوجب تأخره، إبانة للشيخ كل الإبانة ويعرض أمره عليه فما أقره عليه قرّه وما نفّره عنه نفر، ويسأل الشيخ أن يقبله على ذلك بفضله، ولا يرى له حقا عليه، ويرى خق الشيخ عليه واجبا لأنه إذا كان كذلك نفعته هذه المقاصد وأثمرت له هذه النيات أعمالا صالحة خالصة لله تعالى، يرجى تعجيل نفعها مع ما تأجل بإذن الله إليه، فإذا قبل الشيخ منه ذلك وارتضاه له يبايعه. 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية