فــصـــل
هذه الكلمة حصن والنَّفيُ بابه وبوّابه ، ما لم تقض حق البواب لا تدخل إلى داخل الحصن ، وما لم تخرج من عهدة " لا " لا تصل إلى إثبات " إلا " ، وفى الحقيقة لستَ بنافٍ و لا بِمُثبِت إذ المنفى لا يُنفَى والمُثبت لا يُثبت ، فإن المنفي منفي والمثبت مثبت ، و إنما قولك " لا إله إلا الله " أربع كلمات حاصل كلها كلمة واحدة ، وهي اثنا عشر حرفاً حاصل كلها أربعة أحرف ، فالأربعة هي الكلمة والكلمة هي الأربعة وهي تركيب قولك " الله " إثبات محض وتوحيد صرف من غير نفي ولا جحد .
و " لا إله " نفي محض لأن الشيء لا ينفى حتى يتصور له حقيقة بثبوت وجود، ومن توهم ذلك فهو مشرك ، فإن الحق - سبحانه وتعالى - منزَّه في أزل آزاله وأبد آباده عن الشريك والشبيه والضد والند ، و إنما جاءت كلمة " لا إله " مِنكسَةٌ تكنِسُ غُبار الأغيار عن وجود الأسرار لتصلح أن تكون عرشاً لتجلِّ الله عليها ومحلاً لنظر الحق إليها كما قال الله تعالى لداود عليه السلام : ( يا داود طهـِّـر لي بيتاً أسكنُه لم تسعني أرضى ، ولا سمائي و وسعني قلب عبدي المؤمن التقىِّ النقي ).