مطلب في كيفية المبايعة
وصورة البيعة أن يضع المريد يديه جميعا بين يدي الشيخ إن كان ذكراً،
وإن كانت أنثى فلها حكم مستقل بالخطاب والنصيحة، والأمر شفاها أو بواسطة ثوب أو
ماءٍ يضع يده فيه وتشاركه إن لاق بها دون مسك يد، أمّا مطلقا أو بلا حائلٍ.
ويحيط الشيخ بيديه يديه تفاؤلاً بقبوله واستيعابا لقبول كلتي يديه
الظاهرة والباطنة وحضرتيه الدنيا والأخرى. أو يضع الشيخ يديه بين يدي المريد
إشعاراً بأني محافظ لكل ما تأمرني به لا أترك منه شيئاً باختيار، وإني وقاية لك
بنفسي لا أسلمَك لمكروه حتى يبدأني أو أزول.
وهذا ما اختاره سيدي محمد الغوث نفع الله به وفيه صيغة اخرى، وهو أنه
يضع الشيخ بين مجموعتين واليمنى أعلاها ويضع الشيخ يده عليهما من أعلاهما إشعاراً
بالخلافة وإيماءً إليها، وبياناً للنيابة عمن سبق إلى منتهى الأمر، ثم يأمره
بالتوبة فيقول : "تُب إلى الله توبة نصوحا" بحسب توجهه ونيته خالصاً لله
تعالى من غير تردُّدٍ حالاً، ولا حكم له على غيب الله، وإنما يسأل عن عقده وتوجهه
حالاً، ويُحلُّه ما يرد بعدُ مما لا إرادة له فيه ولا اختيار له، ويجب عليه التوبة
منه وهو تجديدا بقولهم، فيجدد التوبة لما أصابها من الوهن، فيستغفر الله ويتوب
إليه، فيقبل الشيخ عهده ويلقنه الكلمة الطيبة ثلاثاً ويسمعها منه ثلاثاً، ثم يلبسه
قلنسوة أو شيئا مّا من اللباس إن تيسّر تفاؤلاً بتبديل حاله الأول إلى حاله
الثاني، كما في تحويل الرداء في السقياء.
ثم يأمره بمصافحة الإخوان ممن حضر المجلس تفاؤلا بالدخول فيهم
والقبول منهم إذ هم من الشيخ كالجوارح من الجسد، والمراد جوارح الجسد المعنوية.
ثم يأمره الشيخ باجتناب المحرمات والمكروهات وملازمة الصوم ونوافل
الخيرات وينهاه بأن لا يخرج عن العهد والأمر، وإن فعل ذلك خرج عن الإرادة، وإذا
أراد الإجمال لضيق وقت أو سبب، اكتفى في وصيته له بتحليل الحلال وتحريم الحرام،
وهذا ما ذكره سيدي محمد الغوث طاب ثراه وقرت بالله عيناه.