المكتوب الخامس
أيها العزيز إذا طلعت شموس المعارف من مطالع سموات السرائر لتنور أراضي القلوب من نور [وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا] ترتفع أغطية ظلام الجهالة عن بصاير العقول بكحل [فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ] فتتحير عيون بواطن الأفهام في مشاهدة لوامع أنوار القدس و تتعجب خواطر الأفكار من مكاشفة عجائب أسرار الملكوت و تتيه من هيجان الشوق في بواد الطلب فتأنس في مواطن القرب من غلبات الشوق و منادي [إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ] ينادي [وهو مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ] فلما اطلع على سر المعية فقد وجوده[وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ]فلما غاص في بحار فناء [لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ] ليحصل جوهرة التوحيد رمت به أمواج الغيرة في بحر محيط العظمة فكلما قصد الساحل وقع في ورطة الحيرة فيقول [رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي] فتدركه مراكب أمداد الطاف [وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ] فتنزله على ساحل لطف [نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ] وتسلم اليه مفاتيح خزائن أسرار [وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا] و تطلعه على رموز [وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى] فتعلم معنى [فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى] وتفهم اشارة [لَقَدْ رَأَى مِنْ آَيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى].