المكتوب السادس
أيُّها العزيزُ إذا غَلَبْتَ عَساكرُ جَذباتِ عنايَةَ (اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ) ولايةُ القُلوبِ ذَلَّتِ ورَاضَتِ طوامِحُ النُّفوسِ الأمَّارةِ بِلجامِ رياضَةِ (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ) وأَدْخَلَتْ جَبابِرُ الأهْوِيَةِ في سجنِ التَّقوى في سلاسلِ المجاهدةِ و قيَّدتْ فراعنُ الأُمنيةِ بأغلال (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) أدبتْ عُمَّال الإراداتِ والاختياراتِ بتأديبِ (مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ) وهدَمتْ مُحْدَثاتُ الرُّسومِ والعاداتِ وقواعدُ أركانِ التَّلبيسِ والطَّاماتِ بالكلِّيَّةِ ونادى مُنادي الحالِ بلسانِ الصِّدقِ (إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً) فإذا صفتْ و طهرَتْ عَرْصَةُ القلوبِ من لَوْثِ شَوائبِ أَكدارِ (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) وتَعطَّرتْ حدائقُ الأرواحِ من نسائم لطائفِ (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ) وصارتْ مشكاةُ الضَّمائِرِ من لوامع أنوار (وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ) مرآة بوارقِ الشُّهودِ (يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ) صِفةُ حالهِ و تَتَلاشَى رَواسي الأشواقِ (هَبَاءً مَنْثُورًا) ويقولُ بلسانِ الصِّدقِ (وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ) و يُنْفِخُ إسرافيلُ العشق صُورَ (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ)حتى يظهرَ صاعقةِ (فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) فيَدْرِكُهُمْ ويمكنهم مُبَشِّرُ إقبال (لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ) و يدعوهم إلى عِلِّيِينَ (مَقْعَدِ صِدْقٍ) ببشارةِ رضوانِ (بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ) ويُفتحُ لهم أبوابُ (جَنَّاتِ النَّعِيمِ) و يقول لهم (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) وهم يَقولون (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ).