آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المُعْزى في مناقب الشيخ أبي يَعْزى -16


ومن بعض وصاياه: 


قال الراوي: حفظت وصيته؛ فما كان أحدٌ أعزُّ مني بها حتى رجعت من سفري، وله مواقفٌ مع ابن هبيرة وغيره من أمراء بني أمية أضربنا عنها اختصارًا؛ كالحجاج بن يوسف له معه مشاهداتٌ ظهر فيها قوة صلابته في دينه وتحقيق يقينه رضي الله عنه . 

قال أبو نعيم في حليته: رُوي: إن أم سلمة لما وُلد أخرجته لعمر، فدعا له عمر، وقال في دعائه: «اللهم فقّهه في الدين، وحببّه إلى الناس» . 
وسُئل أنس بن مالك عن مسألةٍ، فقال: أتسألوني؟! اسألوا مولانا الحسن؛ فإنه سمع وسمعنا، وحفظ ونسينا. 

وقال أبو قتادة العَدوي: الزموا هذا الشيخ؛ يعني: الحسن؛ فما رأيت أحدًا أشبه رأيًا بعمر بن الخطاب منه. 
قال علي بن يزيد: لو أن الحسن أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو رجلٌ؛ لاحتاجوا إليه؛ كذا ذكره صاحب الحلية. 
ومن أسانيده رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ابن آدم! اذكرني بعد صلاة الفجر ساعةً، ومن بعد صلاة العصر ساعةً؛ أكفيك ما بينهما». 
ومن أسانيده رضي الله عنه رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أبي هريرة مرفوعًا: «مَنْ قَرَأَ يَس فِي لَيْلَةِ اِلتمَاسِ وَجْهِ الله غُفِرَ لَه». 
وعن أبي هريرة مرفوعًا: «مَنْ تعلَّم كَلِمَةً أو كلمتينِ أو ثَلاثَ أو صَاعِدًا مما فرض الله عليه، فتعلمهن أو يعلمهن إلا دَخَلَ الْجَنَّة». 
وأسند عن عمران بن حصين: «زيِّنُوا دِينَكُم بِالسَّخَاءِ وَحُسْنِ الْخُلُق». 
وأسند عن أنس بن مالك: «إِنَّ أَخوَفَ مَا أَخَاف عَلَى أُمَّتي ثَلاث: شُحٌّ مُطَاع، وَهَوى مُتبَّع، وإعجاب المرءُ بنَفْسِه». 
وهو رضي الله عنه ممن أطبقت قلوب العلماء والعارفين على محبته، وصادفته دعوة عمر الذى قال: «اللهم فقهّه في الدينِ وحببّه إلى الناس». 
فكان من أفقه أهل زمانه، وأقواهم ورعًا ومعرفةً وجدًّا واجتهادًا وزُهدًا ومُحَبَّبًا إلى الخلق، ومات رضي الله عنه بالبصرة سنة عشرة ومائة وهو ابن ثمانٍ وثمانين سنة. 

وأما مشايخه رضي الله عنهم الذين أخذ عنهم، وانتسب في هذا الشأن إليهم: فقد أدرك من الصحابة الكثيرَ؛ كـ (أهل بيعة الرضوان) و (البدريين)؛ كما تقدَّم ذكره. 
أدرك منهم سبعين، ولكن عمدة النسابين ينسبونه لسيدنا على بن أبي طالب رضي الله عنه. 
وقد ذكر ابن الحاج وغيره: إن سيدنا على بن أبي طالب لما دخل البصرة, وجد في جامعها كثرة القصَّاص، فأقامهم كلهم؛ لأنه وجدهم على غير سيرة السلف, حتى وجد حلقة الحسن، فرأى عليه سمةً وهَدْيًا. 
فقال له: يا فتى! إني سائلك, فإن أجبتني وإلا أقمتك كما أقمت أصحابك، قال له: سل عما بدا لك يا أمير المؤمنين، قال: ما صلاح الدين؟ قال: الورع، قال: ما فساد الدين؟ قال: الطمع، قال له: اجلس مثلك يحدث الناس, ويقص عليهم. 
وذكر حجة الإسلام في إحيائه له؛ موقفٌ شهيرٌ مع الحجَّاج؛ دلَّ على عظيمِ مقامه وثبات يقينه. 
قال: وقد روي سعيد بن أبي مروان أنه قال: كنت جالسًا إلى جانب الحسن رضي الله عنه؛ إذ دخل علينا الحجاج من بعض أبواب المسجد ومعه الحرس وهو على برذونٍ أشقرٍ، فدخل المسجد على برذونه، فجعل يلتفت يمينًا وشمالاً، فلم يرَ حلقةً أفضل من حلقة الحسن، أو قال: أكبر من حلقة الحسن، فتوحَّه نحوها حتى بلغ قريبًا منها، فثني وركه، ونزل ومشي نحو الحسن، فلما رآه متوجِّهًا إليه؛ تجافي له. 
قال سعيد: وتجافيت أيضًا أنا له عن ناحية مجلسي, حتى صارت بيني وبين الحسن فرجةً ومجلسًا للحجاج، فجاء الحجاج حتى جلس بيني وبينه، فلم يقم له, ولم يكترث منه الحسن وهو يتكلم بكلامه الذى يتكلَّم به في كل يوم. فما قطع الحسن كلامه قال سعيد: لأبلونَّ الحسن اليوم. 

وقال: لأنظرنَّ هل يحمل الحسن جلوس الحجَّاج إليه أن يزيده في كلامه أو تحمل الحسن هيبة الحجَّاج أن ينقص من كلامه؟ فتكلَّم الحسن كلامًا واحدًا مما كان يتكلم به كل يوم حتى انتهى إلى آخر كلامه، فلما فرغ الحسن من كلامه وهو غير مكترث بالحجاج ولا بسطوته, رفع الحجَّاجُ يده، وضرب بها على منكب الحسن. وقال: صدق الشيخ وبر، فعليكم بهذه المجالس وامتلأ المجلس، فاتخذوها حلقًا وعادةً.  فإنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إِنَّ حِلَقَ الذِّكْرِ رِياضُ الْجَنَّة». ولولا ما حملناه من أمر الناس ما غلبتمونا على هذه المجالس لمعرفتنا بفضلها. ثم ذكر كلامًا أَعْجَبَ الناس، ثم ركب برذونه وذهب، ثم ذكر حكايةً ومغربة وقعت له معه أضربنا عنها اختصارًا. 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية