فــصـــل
متى تَنتبهُ من سِنة غفلتك وتَصحُو من خمار سكرتك
فتفهم ما تذكر وتعلم ما تقول ؟ أُمرتَ بالفهم ثم بالذكر و أُمرتَ بالعلم ثم بالقول ،
فما لم تُعلَمْ لم تقل وما لم تفهم لا تذكر ، إذا قلت " لا إله إلا الله "
و أنت غافل القلب غائب الفهم ساهي السر فلست بذاكر ( فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ .
الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ) إذا ذكرته فليكن كلك قلباً ، وإذا نطقت
به فليكن كلك لساناً ، وإذا سمعت فليكن كلك سمعاً و إلا فأنت تضرب في حديد بارد
كما قيل :
إذا ذكرتك كاد الشوق يقتلني و غفلتي عنك أحزان و أوجاعُ
فصار كلى قلوباً فيك واعية للسقم فيها والآلام إسراعُ
فــصـــل
إن سلَّط سلطان " لا إله إلا الله " على
مدينة إنسانيتك لم يُبْقِ في دائرة دارك دَيَّار ، ولم يسلكها أحد من الأغيار و لم يبق معه لك فرار، و لا تُبقِى و لا تذر ( إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا
قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً ) فيصير عز كبرك
مذلة و تواضعاً ، و عز كثرتك قلة ، وعز وجودك محواً ، وعز بقائك فناء ، وتتبدل كل
صفة مذمومة بصفة محمودة، وتنقل من عز هو ذل إلى ذل عزه، ويقطع منها شجر صفاتك
المذمومة ، ويزول عنك عُوسج الكفر والتعطيل ، ويذهب منها شوك التشبيه و التمثيل ،
ويغرس فيها ريحان الإيمان و التوحيد ، وينبت فيها التنزيه و التفريد ، وتتنوع
صفاتك المحمودة ( وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ
وَالَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِدًا).