آخر الأخبار

جاري التحميل ...

من جالس جانس والصاحب ساحبٌ


ما وَحَّدَ الواحِدَ مِنْ واحِدِ           إذ كُلُّ مَنْ وَحَّدَهُ جَاحِدُ 
توحيدُ مَنْ ينطقُ عن نَعْتِهِ       عاريةُ أَبْطَلَهَا الواحِدُ

ففي البيتين إشارة إلى حصول هذه المرتبة العليا لخواص عباده في دار الدنيا، وكانت المتابعة سبب حصول هذه المرتبة العليَّة، فمن أراد هذا التحصيل فليجالس من يوافق ظاهره الشريعة المحمدية، وباطنه بواسطة المتابعة في المراتب المذكورة مظهرا للكمالات، إذ القلب مجبول على التأثر من الجليس إن خيرا فخير وإن شرًّا فشر بحيث لو جلس أحد مع محزون يتأثر من حزنه، وإذا جلس مع مسرور يتأثر من مسرته، وإن جالسهما يتمكن فيه الصفتان، وهذا من كمال قابلية القلب، ولولا هذه القابلية لما حصلت له الكمالات المذكورة، فمن جالس هذه الطائفة يتأثر باطنه عن باطنهم فيميل  قلبه إلى الحق جل وعلا، وبمقدار ميله ينقطع عما سواه، وبمقدار انقطاعه يزيد الميل، فازدياد الميل سبب ازدياد الانقطاع، وازدياد الانقطاع سبب لميل آخر، وهلم جرًّا إلى أن لا يبقى له ميل إلى الغير، وربما يحصل هذا الحال لبعض أرباب القابلية في صحبة هذه الطائفة بنظرة واحدة فينقطع قلبه عن غير االله ويتوجه بكلية قلبه الى ربه ومولاه، وهذا هو الوصول في مرتبة من المراتب، ولكن الثبات على هذه الحالة مشكل لا يعرفه إلا أرباب معاملة القلب، وقد يحصل هذه السعادة للسالك في صحبة أهل االله وما يشعر بها لضعف استعداده، والثبات عليه منوط بدوام الصحبة وحفظ شرائطها وآدابها ظاهراً وباطنا فإن ترك أدبا من تلك الآداب بَعُد عن قلوبهم وسقط عن أعينهم فلا يبقى له تلك الحالة التي فاضت على قلبه بواسطتهم لانتهاء الرابطة بينه وبينهم، ورأينا كثيرا من الناس حصل لهم التأثر التام من صحبة هذه الطائفة فما قدروا على رعاية الآداب فزال الذوق المذكور.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية