كان أحد أولياء الله الزهَّاد، ومن أهل التجرُّد والانفراد، غلبت عليه السياحة في الفيافي والقفار، حتى قيل عنه أنه سلك طريق البادية إلى مكة سبعة طريقًا، ما أعدَّ لها زادًا ولا أقره قرار .
عن أبي عبد الرحمن عن عمر بن سنان قال : اجتاز بنا إبراهيم الخواص فقلنا له :حدِّثنا بأعجب ما رأيته في أسفارك، فقال: لقيني الخضر عليه السلام،فسألني الصحبة فَخشيتُ أن تركنَ نفسي إلى مقامه فيفسد حالي مع الله في عقد التوكل ففارقتُه.
وعن الشيخ أبي حامد الأسود قال : كنت مع إبراهيم في سفر فدخلنا إلى بعض الغياض فلما أدركنا الليل إذا بالسباع قد أحاطت بنا فجزعت لرؤيتها وصعدت إلى شجرة، ثم نظرت إلى إبراهيم وقد استلقى على قفاه فأقبلت السباع تلحسه من قرنه إلى قدميه، وهو لا يتحرك.ثم أصبحنا وخرجنا إلى منزل آخر وبتنا في مسجد فرأيت بَقَّة وقعت على وجه إبراهيم فلسعتهفتحرَّك لها.
فقلت: يا أبا إسحاق كيف تتحرك من البقَّة ؟ أين حالك البارحة مع السباع؟ فقال: يا حامد ذاك حال كنتُ فيه بالله، وهذا حال أنا فيه بنفسي.
وفي كتاب الصفوة قال إبراهيم الخواص: "دَوَاءُ الْقَلْبِ خَمْسَةُ أَشْيَاءَ : قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ بِالتَّدَبُّرِ ، وَخَلاءُ الْبَطْنِ ، وَقِيَامُ اللَّيْلِ ، وَالتَّضَرُّعُ عِنْدَ السَّحَرِ ، وَمُجَالَسَةُ الصَّالِحِينَ" .
وقال : على قدر إعزاز المؤمن لأمر الله يُلبسه الله من عِزّه، ويقيم له العزّ في قلوب المؤمنين. وحدَّث صاحبه المُلازِم له الشيخ الولي الزاهد خير النسَّاج قال : سألتُ إبراهيم عمَّا أصابه في بعض أسفاره فقال لي : عَطِشْتُ عَطَشًا شَدِيدًا حَتَّى سَقَطْتُ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ ، فَإِذَا أَنَا بِمَاءٍ قَدْ رُشَّ عَلَى وَجْهِي ، فَلَمَّا أَحَسَسْتُ بِبَرْدِهِ ، فَتَحْتُ عَيْنَيَّ ، فَإِذَا أَنَا بِرَجُلٍ حَسَنِ الْوَجْهِ، عَلَيْهِ ثِيَابٌ خُضْرٌ وتحته فرس أشهب فسقاني حتى رويت ثم قال لي : ارتدف خلفي، ففعلت، وكان بيني وبين المدينة أيام عديدة، ثم بعد ساعة قال لي : أي شيء تراه ؟ قلت : المدينة، قال : انزل وبلِّغ رسول الله صلى الله عليه وسلم منِّي السلام وقُلْ له أخوك الخضر يسلِّمَ عليك، فنزلتُ ودخلتُ المدينة وأتيتُ الروضة المشرَّفة وأدَّيتُ رسالة الخضر للنبي صلى الله عليه وسلم.
ومن شعر الخواص قوله :
صَبَرتُ عَلى بَعضِ الأَذى وَدافَعتُ عَن نَفسي بِنَفسي فَعَزَّتِ
وَجَرَّعتُها المَكروهَ حَتّى تَدرَّبت وَلَو لَم أُجَرِّعها كَذا لاشمَأَزَّتِ
فَيا رُبَّ عِزّ ساقَ لِلنَّفسِ ذُلَّها وَيا رُبَّ نَفسٍ بِالتَذلُّلِ عَزَّتِ
إِذَا مَا مَدَدْتُ الكَفَّ ألتَمِسُ الغنَى إلى غَيْرِ مَن قَالَ اسْألُونِيْ فَشُلَّتِ
اَلنَّجْمِ اَلثَّاقِبِ فِیمَا لأَوْلِیَاءِ اَاللهِ مِنْ مَفَاخِرِ اَلْمَنَاقِبِ