المكتوب الثامن
أيها العزيز إذا وصلت نَغمَةٌ مِنْ أَميرِ الأُنْسِ لِمَسامِعِ القُلوبِ تَذَكَّرْتَ لَذائِذَ اسْتِماعِ نَغماتِ (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) وسَكَراتِ حَالاتِ (قَالُواْ بَلَى) ويَترَنَّمُ عَندليبُ الأَحزَانِ بِأوتارِ نَغماتِ حَسْرَةِ (يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ) وصَوَّتَ عُودُ الكُرُوبِ بِرنَّةِ انْكِسارِ (وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ) وواصَلَ طنْبُورِ الفِراقِ صَداءَ (إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ) بإيقاعِ (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ) ولمَعَ بَرَقَاتُ جَذباتِ الشَّوْقِ في فَضاءِ سَمواتِ السَّرائِرِ لَمَعان (يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ) بِحَيثُ يَنْطَمسُ بَصائِرُ عُيُون العُقُولِ وَتَقطُرُ عبَراتُ الأَسفِ من سَحائِبِ عَيْنِ الأَرواحِ بِحَيثُ تَخْضَرُّ مَزرَعَةُ أَراضي (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ) بِنباتاتِ (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً) وَتُعَطِّرُ حَدائقُ آمَالِ (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) بِنفحاتِ رَوائِحِ (إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ) بِالكُلِّيَّةِ وتَثْمُرُ أَغصانُ أَشجارُ الصَّبرِ بِثِمَارِ (إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ) في غَايَةِ الكَمَالِ وتَهْتَزُّ بِرِياحِ عِنايَةِ (هَذَا عَطَاؤُنَا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسَابٍ) وَمُنَادي (وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ) يَنَادي (إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ).