آخر الأخبار

جاري التحميل ...

رسالة في السلوك إلى حضرة مَلك المُلوك


قال ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه مما كتب به لبعض أخوانه :

 (أما بعد فإن البدايات مجلاة النهايات)


 قلت : البدايات ما يظهر على المريد في أوَّلَ دُخوله من مجاهدة ومكابدة وصدق وتصديق وهو مظهر ومجلاة للنهايات، أي يتجلى فيها ما يكون في النهايات، فمن أشرقت بدايته أشرقت نهايته، فمن رأيناه جادًّا في طلب الحق باذلاً نفسه وفلسه وروحه وعزه وجاهه ابتغاء الوصول إلى التحقق بالعوبدية والقيام بوظائف الربوبية علمنا إشراق نهايته بالوصول إلى محبوبه، وإذا رأيناه مقصِّراً في ذلك علمنا قصوره عما هنالك وأنشدوا :

بقدرِ الكدِّ تُكْتَسَبُ المَعَالِي     وَمَنْ طَلبَ العُلَى سَهِرَ الّليالي
تُريدُ العزَّ ثمَّ تنامُ ليلاً          يغوصُ البحرَ مَنْ طَلَبَ اللّئالي
وبالجملة، من رأيته صادق العزم في البداية فاعلم أنه من أهل العناية، ومن كان في سلوكه معتمداً على الله ومفوضاً أمره إلى الله كانت غاية سلوكه الوصول إلى الله كما نبَّهَ عليه بقوله :

(ومن كانت بالله بدايته كانت إليه نهايته)


البداية بالله هي أن لا يرى لنفسه حولاً ولا قوَّةً لا في عمل ولا في حال ولا في مجاهدة ولا مكابدة بل ما يبرز منها من الأعمال أو من الأحوال، رآه منَّةً من الله وهدية إليه فإن كان هكذا فقد صحَّت بالله بدايته وإليه تكون نهايته، ومما يتأكد النظر إليه في البداية تصحيح ما يفتقر إليه في سلوكه من علم الشريعة وعلم الطريقة، فالعمل بلا علم جناية والعلم عمل وسيلة بلا غاية.



التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية