وقوله تعالى :
{وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْكَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ } افتتح بهذه الآية لما تعطيه من قوة
الرجاء للمتوجهين القادمين، فهي في ذلك نظيرة حديث "مَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ
شِبْراً تَقرَّبْتُ إلَيْهِ ذِرَاعاً" ولما قيل : "مَن أقبل على الله
بكليته أقبل الله عليه برحمته". آية : {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌمِنَالْمُحْسِنِينَ} ففي ذلك ترغيب في التوجه إلى الله والإقبال عليه (لَلّه أَفرح
بتَوبَة غبده المؤمن) الحديث.
اللَّهُمَّ
إِنَّكَ تَعلَمُ أَنِّي باِلجَهَالَةِ مَعرُوفٌ وَأَنْتَ بِالعِلمِ مَوصوفٌ وَقَدْ وَسِعْتَ كُلِّ شَئٍ مِنْ جَهَالِتي
بِعِلْمِكَ فَسَعْ
ذَلِكَ بِرَحْمَتِكَ كَمَا وَسِعْتَهُ بِعِلْمِكَ وَاغْفِرْ لِي إِنَّكَ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ يا
اَللهُ يا مالِكُ يا وَهَّابُ هَبْ لَنَا مِنْ نُعْمَاكَ
مَا عَلِمْتَ لَنَا فيهِ رِضَاكَ وَاكْسُنَا
كِسوَةً تَقِينَا بِها مِنَ
الفِتَنِ في جَميعِ عَطاياكَ وَقَدِّسْنَا
بِها عَنْ كُلِّ وَصْفٍ يوجِبُ نَقْصاً مِمَّا اسْتَأْثَرْتَ بِهِ في عِلمِكَ
عَمَّنْ سِوَاكَ .
إني بالجهالة
معروف
·
اعتراف العبد بجهالته
·
وسع علمه كل شيء
·
وسعت رحمته كل شيء
·
دعوات المكروب
·
دعاء فاطمة الزهراء
·
العافية ومعناها
·
لفظ الجلالة وحظ العبد منه
·
أصدق كلمة قالتها العرب
قوله : "وَقَدْ
وَسِعْتَ كُلِّ شَئٍ مِنْ جَهَالِتي بِعِلْمِكَ فَسَعْ ذَلِكَ بِرَحْمَتِكَ كَمَا
وَسِعْتَهُ بِعِلْمِكَ" هذا انعطاف منه ورجوع إلى ما افتتح به من صريح قوله
تعالى : {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} الأنعام:54]، واقتضاء
لجميل وعده تعبداً له وتذلُّلاً إليه وتملُّقاً بين يديه يعني اعترافه بالجهالة
المؤدية لارتكاب السوء مع علمه تعالى ، وتنزيهه عما اتصف به العباد من الجهل
المطلق لاتصاله تعالى بالعلم الشامل المطلق ثم سأل الله تعالى أن يسع جهالته
المطلقة برحمته المطلقة كما وسع ذلك بعلمه المطلق وذلك مقتضى لتغطية نقص العبد
بكمال ربه فيصير به وإليه ومندرجاً في مادته بإمداده وتأييده كما قال: «وأدرج
أسمائي تحت أسمائك» وصفاتي تحت صفاتك وكما في حديث التقريب، وكما قال في الحكم :
«لو أنك لا تصل إليه إلا بعد فناء مساويك، و محو دعاويك,لم تصل إليه أبدا، و لكن إذا
أردت أن يوصلك إليه، غطي وصفك بوصفه، ونعمتك بنعمته, فوصلك إليه، بما منه إليك، لا
بما منك إليه».
وفي بعض أدعية
واضع الحزب رضي الله عنه : «وأعطني من سعة رحمتك على سعة علمك وهي التي لم تدع
للخير مطلباً، ولا للشر مهرباً» ويقول أثناء الحزب : «أسألك أن تعطينا خير ما نفذت
به قدرتك وتعلقت به مشيئتك وأحاط به علمك واكفنا شر ما هو ضد لذلك» وهو إشارة إلى
أن يتولاه الله في جميع أموره حتى يكون قائماً بتدبيره مراعياً لشؤونه ومغتنياً به
في تحصيل خيوره ودفع شروره على وجه لا يكون في الإمكان أكمل وأليق لحاله منه.
ومن دعائه عليه
الصلاة والسلام : «اللهم كلاءة ككلاءة الوليد».
ومن دعائه عليه
الصلاة والسلام أيضاً : «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي شأني كُله ولا
تَكِلْني إلى نفسي طرفة عين».
وفي الحديث :
«إذا سألتم الله فاسألوه العافية». قال سهل بن عبد الله : «أجمع العلماء رضي الله
عنهم أن تفسير العافية أن لا يكل الله العبد إلى نفسه وأن يتولاه».
قوله : «يا
الله» ينبغي كما قال حجة الإسلام الغزالي رضي الله عنه أن يكون حظ العبد من هذا
الاسم التوله قال : وأعني به أن يكون مستغرق القلب والهمة بالله تعالى لا يرى
غيره، ولا يلتفت إلى سواه، ولا يرجو ولا يخاف إلا إياه، وكيف لا يكون كذلك وقد فهم
من هذا الاسم أنه الوجود الحقيقي وكل ما سواه فانٍ وهالك إلا به كما رواه صلى الله
عليه وسلم : «أَلا كُلُّ شَيْءٍ مَا خَلا اللَّهَ بَاطِلُ» متمثلاً بقول الشاعر
ومصدقاً له.
قوله : «من
نعماك» بضم النون والقصر وهي النعمة.
قوله : «واكسنا
كسوة تقنا بها» الرواية جزم تقنا بحذف الياء على الجواب للدعاء، ونظيره قوله تعالى
إخباراً عن موسى عليه السلام في دعائه : {فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا
يُصَدِّقُنِي} [القصص:34] وقوله تعالى لإخباراً عن زكريا عليه السلام في دعائه
أيضاً : {فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي}[مريم:5-6]على قراءة الجزم
فيهما؛ على أن الاجتزاء بالكسرة عن الياء كما في المعتل لغة ورد بها القرآن والله
أعلم.
قوله : (واغفر
لي) سقط عند سيدي غبد النور في خطه وثبت عند ابن الصباغ والله أعلم.
قوله : (وقدسنا
عن كل وصف) في الصباغ وفي خط سيدي عبد النور أيضًا وقدسنا عن كل وصف، يعني بالكسوة.
قوله : (يوجد
نقصًا) خفياً تختص بعلمه فضلًا عما ككان جليًّا. ومن دعائه : "اللهم اغفر لنا
ما علمه البشر من خلقك، واغفر لنا ما استأثرت به عنا وعن جميع خلقك".