تأليف : الدكتور حكيم الفضيل الإدريسي
إن حاجة الإنسان إلى تطهير نفسه وجلاء صدأ قلبه، أكبر من حاجته إلى قوام بشريته، ولكنه لم يستطع أن يُدرك قيمة هذه الحقيقة لغلبة الحس وقوَّة جاذبية شهوات الأرض عليه، لذلك أرسل الله تعالى أنبياءه ورسله لإخراجه من سجن تحكم نفسه في قيمه وأخلاقه.
وإذا توَّج الله تعالى بالإسلام تاريخ الرسالات الإلهية، والأديان السماويّة فكان دين الكمال، جعل التربية والتزكيّة من أعظم صفات نبيه ورسوله الكريم، إذ بها يتحقق الوجود وتظهر صفات القدوس، وحفظ دوام هذا الكمال في الأمة بأن جعل فيها من حمل سر هذه الأمانة، وورث خاصية التصرف بها.
والإطلاع على مباحث هذا الكتاب سيفتح لك أيها القارئ الكريم أبواب الوقوف على أهمية وقيمة هذا الموضوع.
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين
الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
إن المتتبع لتاريخ الإسلام يقف على عظمة هذا الدين الذي أهدى إلى العالم حضارة إلهية تضمن الوسطية والاعتدال والسعادة والرخاء وذلك بوجود عقيدة التوحيد التي أخرجت البشر من عبادة الهوى والسوى، إلى عبادة المولى، وبشريعة متكاملة البنيان والخصائص، واسعة الاختصاصات، عظيمة المقاصد، وبنبي رسول خاتم ضرب أروع الأمثال في الرحمة والإنسانية، في دعوته وسلمه وحربه وكل معاملاته، حتى غدا المثل الكامل للعالمين.
لقد كانت مهمته التي أرسل من أجلها هي تحقيق الكمال على الأرض، وذلك بإصلاح النفوس وتصفية القلوب وتهذيب الأخلاق، وهذا هو السبيل الوحيد لإصلاح المجتمعات، وتحقيق الغاية من الاستخلاف.
إلا أنه تُعط لهذه القضيّة حقها الكامل في العناية، إذ حصل تضخم عظيم في التاريخ الإسلامي على مستوى الاهتمام بتأصيل القواعد، واستنباط الأحكام التي تضمن للمجتمع المسلم ديمومته المادية، سواء في العبادات والمعاملات والسياسة الشرعية.
وتوجَّه النظر إلى شخصيّة هذا الرسول الأعظم بموازاة مع هذه الجوانب، فلم تشمل النظر إلى الجوانب الأخلاقية والمقاصد التربويّة في ذلك بنفس تلك العناية، اللهم ما نجده في كتب الشمائل والمناقب والتفسير، حتى قيَّض الله تعالى لهذا الأمر رجال التصوف الذين أكملوا هذه اللبنة في البناء الحضاري لهذه الأمّة.
فقد بيّنوا للعالم بأن حضارة الإسلام حضارة الظاهر والباطن، وكانت رسالتهم في ذلك اقتداؤهم بهذا الرسول الأكرم، فقدموا المصلحة الأخلاقية على كل المصالح، إذ بها تحفظ حدود الله، ويعيش الجميع في أمن وسلام، وبرعوا في وضع الأسس والمبادئ التي يصلح بها الباطن، وفصَّلوا في بيان حقيقة النفس، ومعرفة تَلوُّناتها وأمراضها وطُرق علاجها، وفي حقيقة القلب وبيان خصائصه وأدوية علله.
وفي هذه الرسالة إعلان على أهمية هذا الجانب في أي نهضة، فكما أننا في حاجة إلى سياسة أمور الدولة، والسهر على تطبيق القانون وخدمة أفراد المجتمع ليعيشوا في نعيم وأمان، كذلك نحن في حاجة إلى تهذيب الأخلاق، ومراقبة السلوكات التربوية، لأن هذا العمل هو الطريق الأهم في توجيه المواطن الوجهة التي تتحقق بها الأهداف المسطرة لازدهار البلاد.
وهذا أمر يجب أن يتعاون على تفعيله كل مكونات المجتمع الفاعلة في هذا المجال، لأن المسؤولية مقسمة على الجميع.
ولقد توسلتُ إلى هذا البيان بالشخصية المُثلى والأسوة الحسنة، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وجردت الخصائص الذاتية للمزكي، والوسائل اللازمة لفعل التزكية، ونهجتُ في توضيح ذلك طريقة الاستدلال بما صحَّ من سنَّته الشريفة وسيرته العطرة، ورصدتُ لذلك دفقاً كبيراً من النصوص المُؤصِّلة لهذا التصرف، وغرضي من ذلك : تعريف القارئ بالمشاهد الساميّة والمواقف العالية لهذا النبي الأكرم، إذ كان في كلِّ أحواله هادياً ومربياً ومزكِّيًّا، والتأكيد على وجوب التزكية، وإشباع عطش الباحث على الدليل والبرهان على ذلك، وأخيراً ترك الفُسحة للقارئ بأن يستنبط من هذه النصوص أحكاماً أخرى قد تظهر له باحتكاكه معها.
وختمتُ هذا الإسراء المحمدي في النفوس، وهذا المعراج النبوي في الأرواح والقلوب بفصل مركز عن حكم الوارث لهذا المنصب الديني، الذي اصطلح عليه عند المسلمين بشيخ التربية، واكتفيتُ بتأصيل حكم مشروعيته من الكتاب والسنَّة، وما تناقله أهل العلم والفتوى، وبينتُ قيمته في المجتمع.
ويجب على القارئ أن ينظر إلى هذه التصرفات ويقيس حاله الباطني عليها، فإذا وفَّقه الله تعالى لذلك، يجب أن يعلم بأنَّ هذا الفعل النبوي ممتد من الأزمان إلى قيام الساعة، وأنَّ هذا الامتداد متجل فيمن هيَّأه الله تعالى لتبليغ هذه الرسالة وحمل هذه الأمانة.
فكما أن الله تعالى هيَّأ للقرآن نقلته وحفظته والمحكمون لعلومه، وللحديث النبوي الشريف رواته ونقاده، فقد هيَّأ لهذا الأمر أهله وأصحابه.
وفي الأخير أسأل الله العلي القدير أن أكون قد وفِّقتُ لإبراز أهمية هذا الجانب العظيم في الشريعة الإسلامية، وفي شخصية هذا الرسول المعصوم.
لقد كانت مهمته التي أرسل من أجلها هي تحقيق الكمال على الأرض، وذلك بإصلاح النفوس وتصفية القلوب وتهذيب الأخلاق، وهذا هو السبيل الوحيد لإصلاح المجتمعات، وتحقيق الغاية من الاستخلاف.
إلا أنه تُعط لهذه القضيّة حقها الكامل في العناية، إذ حصل تضخم عظيم في التاريخ الإسلامي على مستوى الاهتمام بتأصيل القواعد، واستنباط الأحكام التي تضمن للمجتمع المسلم ديمومته المادية، سواء في العبادات والمعاملات والسياسة الشرعية.
وتوجَّه النظر إلى شخصيّة هذا الرسول الأعظم بموازاة مع هذه الجوانب، فلم تشمل النظر إلى الجوانب الأخلاقية والمقاصد التربويّة في ذلك بنفس تلك العناية، اللهم ما نجده في كتب الشمائل والمناقب والتفسير، حتى قيَّض الله تعالى لهذا الأمر رجال التصوف الذين أكملوا هذه اللبنة في البناء الحضاري لهذه الأمّة.
فقد بيّنوا للعالم بأن حضارة الإسلام حضارة الظاهر والباطن، وكانت رسالتهم في ذلك اقتداؤهم بهذا الرسول الأكرم، فقدموا المصلحة الأخلاقية على كل المصالح، إذ بها تحفظ حدود الله، ويعيش الجميع في أمن وسلام، وبرعوا في وضع الأسس والمبادئ التي يصلح بها الباطن، وفصَّلوا في بيان حقيقة النفس، ومعرفة تَلوُّناتها وأمراضها وطُرق علاجها، وفي حقيقة القلب وبيان خصائصه وأدوية علله.
وفي هذه الرسالة إعلان على أهمية هذا الجانب في أي نهضة، فكما أننا في حاجة إلى سياسة أمور الدولة، والسهر على تطبيق القانون وخدمة أفراد المجتمع ليعيشوا في نعيم وأمان، كذلك نحن في حاجة إلى تهذيب الأخلاق، ومراقبة السلوكات التربوية، لأن هذا العمل هو الطريق الأهم في توجيه المواطن الوجهة التي تتحقق بها الأهداف المسطرة لازدهار البلاد.
وهذا أمر يجب أن يتعاون على تفعيله كل مكونات المجتمع الفاعلة في هذا المجال، لأن المسؤولية مقسمة على الجميع.
ولقد توسلتُ إلى هذا البيان بالشخصية المُثلى والأسوة الحسنة، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وجردت الخصائص الذاتية للمزكي، والوسائل اللازمة لفعل التزكية، ونهجتُ في توضيح ذلك طريقة الاستدلال بما صحَّ من سنَّته الشريفة وسيرته العطرة، ورصدتُ لذلك دفقاً كبيراً من النصوص المُؤصِّلة لهذا التصرف، وغرضي من ذلك : تعريف القارئ بالمشاهد الساميّة والمواقف العالية لهذا النبي الأكرم، إذ كان في كلِّ أحواله هادياً ومربياً ومزكِّيًّا، والتأكيد على وجوب التزكية، وإشباع عطش الباحث على الدليل والبرهان على ذلك، وأخيراً ترك الفُسحة للقارئ بأن يستنبط من هذه النصوص أحكاماً أخرى قد تظهر له باحتكاكه معها.
وختمتُ هذا الإسراء المحمدي في النفوس، وهذا المعراج النبوي في الأرواح والقلوب بفصل مركز عن حكم الوارث لهذا المنصب الديني، الذي اصطلح عليه عند المسلمين بشيخ التربية، واكتفيتُ بتأصيل حكم مشروعيته من الكتاب والسنَّة، وما تناقله أهل العلم والفتوى، وبينتُ قيمته في المجتمع.
ويجب على القارئ أن ينظر إلى هذه التصرفات ويقيس حاله الباطني عليها، فإذا وفَّقه الله تعالى لذلك، يجب أن يعلم بأنَّ هذا الفعل النبوي ممتد من الأزمان إلى قيام الساعة، وأنَّ هذا الامتداد متجل فيمن هيَّأه الله تعالى لتبليغ هذه الرسالة وحمل هذه الأمانة.
فكما أن الله تعالى هيَّأ للقرآن نقلته وحفظته والمحكمون لعلومه، وللحديث النبوي الشريف رواته ونقاده، فقد هيَّأ لهذا الأمر أهله وأصحابه.
وفي الأخير أسأل الله العلي القدير أن أكون قد وفِّقتُ لإبراز أهمية هذا الجانب العظيم في الشريعة الإسلامية، وفي شخصية هذا الرسول المعصوم.