وقبل الشروع في المقصود نذكرُ شيئاً مما يتعلَّق بفضل الصلاة على النبي ﷺ قال الله تبارك وتعالى : {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}والأمرُ من الله تعالى يقتضي الوجوبَ وقد أمرنا سبحانه مَعاشِر المؤمنين بالصلاة والتسليم على نبيِّه ﷺ بقوله : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} فصارت الصلاةُ والتسليمُ عليه فرضاً على كلِّ مؤمن ومؤمنةٍ لأمرِ الله تعالى المؤمنين بذلك وفضائلُها لا تُحصَى وبركاتُها ومنافعُها دُنيَا وأُخرَى لا تُستقصى قال ﷺ : (مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً تَعْظِيماً لِحَقِّي خَلَقَ اللهُ عَزَّ وجَلَّ مِنْ ذَلِكَ القَوْلِ مَلَكاً لَهُ جَنَاحٌ بِالمَشْرِقِ وَالآخَرُ بِالنَغرِبِ ورِجْلاهُ مَقْرُورَتَانِ فِي الأَرْضِ السَّابِعَة السُّفْلَى وعُنُقُهُ مُلْتَوِيَّةٌ تَحْتَ العَرْشِ يَقولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ صَلِّي على عَبْدي كَمَا صَلَّى على نَبِيِّي) فهو يصلِّي عليه إلى يوم القيامة. فالمفهوم من هذا حيث قال ﷺ : (من صلَّى عَلَيَّ تَعظيماً لِحَقّي) لأنَّ المُصلَّى عليه إذا لم يقصدْ بالصلاة عليه تَعْظيمَهُ ﷺ وإجلالَهُ فلَا ثَوابَ له بها، وربَّما يلزمه الإثمُ العظيمُ كما تفعله الجَهلَةُ والعوامُ في الأعراس وغيرها، مثلَ شُهْرَةِ المبيعِ والتعجُّبِ والهزالِ وفي مجلس الحكاياتِ المُضحكَة، فإنه لا يحصُلُ للمصلِّ الثوابُ يذلك.
إخواني من أراد الحظّ الأوفر فَلْيُكثِرْ من الصلاة والسلامِ على صاحبِ الوجهِ الأنورِ، والجبينِ الأزهرِ، وصاحبِ الحوضِ والكوثرِ. رُوي عن بعض الصحابة رضوانُ الله عليهم أجمعين أنَّهُ قال : (ما مِنْ مَجلسٍ يُصَلَّ فيه على محمَّدٍ ﷺ إلّا قامَتْ منهُ رائحَةً طَيِّبَةً حتَّى تبلُغَ عَنَانَ السماء فتقول الملائكةُ هذا مجلِسٌ صُلِّيَ فيه على محمَّدٍ ﷺ) فزَيِّنوا مجالسكم بالصلاة والسلام على محمد ﷺ وعَطِّروها، فإنكم يوم الحسابِ في الميزانِ ترَوْهَا فقد جاء في الخبر : (إذا خَفَّتْ حسناتُ المؤمنِ يومَ القيامةِ أخرجَ رسولُ الله ﷺ بطاقةً كالأَنْمُلَة فَيُلقيهَا في كَفَّةِ الميزان اليُمنى التي فيها الحسناتُ فترجحُ الحسناتُ ، فيقولُ ذلك العبدُ المؤمنُ للنبي : بأبي وأمِّي ما أحسنَ وجهكَ فمَن أنتَ ؟ فيقولُ ﷺ : أنا نبيُّكَ محمَّد وهذه صلاتكَ التي كنتَ تصلّي عليَّ وقد وفَّيْتُكَ إيَّاها) فانظروا كيفَ رَجَّحَتِ الصلاةُ عليه ﷺ ميزانَ هذا العبدِ، فعليكم بالمداومةِ عليها فإنها تُكَفِّرُ الذُّنوبَ وتَكشِفُ الكُروبَ، وتُبلِّغُ قائلها غايةَ المطلوبِ، وثوابها ومنافعها الفاخرة تُعمِّرُ المؤمن دنيا وآخرة. يقول الشاعر:
إذا كنتَ في هَمٍّ وضِقتَ بحملِه وأصبحتَ محزونًا وقلبك في حَرَجِ
فَصلِّ على المُختارِ مِنْ آلِ هاشِمٍ كَثيراً فإنَّ الله يأتيكَ بالفرَجِ