الطريقة القادرية البودشيشية بتوجيه من شيخها العارف بالله سيدي جمال الدين رضي الله عنه تعمل على تفعيل روح الوسطية والاعتدال في البلاد الإسلامية، وكل العالم، تحقيقا لقوله تعالى: "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا" (البقرة، 143)، لما لذلك من أهمية قصوى في البناء الإنساني فردا وجماعة.
كما أن ملتقياتها العلمية وخاصة الملتقى العالمي للتصوف يعمل من خلال موضوعاته التي يتم مناقشتها والتداول فيها على الاعتناء بالتربية الروحية للفرد ـ الإنسان حجر أساس في تحقيق الوجود الإنساني المتوازن، ويركز دور التصوف في تحقيق التوازن بين المادة والروح، وتجليات مظاهر الوسطية والاعتدال سلوكيا وعمليا.
ويعد من أهم مبادرات الطريقة القادرية البودشيشية التي تهدف إلى ربط الشباب المنتمي لها بالقضايا الوطنية وقضايا الشأن العام، تنظيمها للملتقى الجهوي التكويني لشباب الطريقة القادرية البودشيشية ببوزنيقة، حيث راهن الملتقى على "تبادل الآراء والخبرات بين الشباب من أجل تمثل سليم للمقاصد التربوية والدعوية والعلمية للطريقة التي تسعى إلى الإسهام مع مختلف الفاعلين في صون ثوابت المملكة ومقدساتها"، ومن أهداف الملتقى التكويني : "تمكين الشباب من فهم سليم لمقاصد الطريقة، التربية على ذكر الله والاجتهاد في العبادات، مواجهة ثقافة التطرف والعدمية وتبادل الخبرات في مجال التكوين العلمي والدعوي والتربوي بين شباب الطريقة".
كما نظمت الطريقة في الرباط، ورشة تكوينية في موضوع "تقويم الانحرافات السلوكية: أي دور للتربية الروحية"، تحت إشراف مشيخة الطريقة، وبتأطير من أساتذة باحثين من أطر الطريقة، مُتخصّصين في عدد من الحقول المعرفية، من أجل مقاربة ظاهرة انحرافات الشباب، حيث اندرجت الورشة، ضمن برنامج ورشات عهدت الطريقة على تنظيمها، من أجل ملامسة عدد من القضايا الشائكة التي يمر منها المجتمع، وذلك من منظور عملي.
وبقرية مداغ (قرب بركان) حيث مقر الطريقة، فقد تم خلال شهر غشت 2019 ككل سنة تنظيم الجامعة الصيفية التي شملت هذا العام محاضرات دينية، وثقافية، وتكوينية، وغير ذلك من الأمور الأخرى التى تنظمها الطريقة، بغية حماية الشباب من الانحرافات الفكرية والدينية، بالإضافة إلى إعطائهم دروس دينية فى التصوف الإسلامى، والفقه والشريعة الإسلامية، وكذلك التربية الوطنية.
أما بالنسبة لفئة الأطفال، فقد تعودت الطريقة على تنظيم مخيمات سنوية للأطفال في فترة العطلة الصيفية، كمثال على ذلك المخيم الذي نظم في غشت 2019 الذي عرف نجاحا كبيرا بشهادة الجميع.
وعموما، يمكننا أن نُميز في أداء ومشروع الطريقة القادرية البودشيشية من خلال رصد مركز لأنشطتها بشكل عام بين ثلاث توجهات متوازية:
1 ـ التركيز على المحور التربوي والروحي في تلقين المريدين، عبر القراءات المستمرة للقرآن الكريم وللسيرة النبوية وسيرة الصحابة، وغالبا ما تنتهي هذه الجلسات التربوية بالدعاء لأمير المؤمنين والوطن والأمة.
2 ـ تفعيل محور العمل الاجتماعي، الذي بدأت تنشط فيه الطريقة بكثافة في السنين الأخيرة عبر التأسيس لشراكات مع منظمات المجتمع المدني، وخاصة المنظمات التي تقدم مساعدات إنسانية وتقوم بالأنشطة ذات البعد التضامني مثل القوافل الطبية وحفلات الختان الجماعي و توزيع الأدوات المدرسية والتي يتم بشكل موازي خلال المواسم الدينية للطريقة واحتفالاتها
3 ـ و أخيرا، الإشعاع الفكري المعرفي، ويتجسد في تنظيم ندوات وموائد مستديرة وأيام علمية ودورات تكوينية، واستقطاب المفكرين والباحثين ولعل أهم معالم هذا المحور، كمثال الملتقيات الدولية للتصوف التي تنظم كل سنة بمقر الطريقة، على هامش الاحتفال بذكرى المولد النبوي.