وقال في "تحفة الأصفياء" : ثم الذكر إمَّا مُطلقاً أو مقيَّدا، والثاني إمَّا مقيَّدا بالزمان أو بالمكان، كالذكر في الصلاة وعقبها، وفي الحج. والمُطلق منه ما هو ثناءٌ على الله تعالى كما في كل واحدة من كلمات : "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوَّة إلاّ بالله العليِّ العظيم"، ومنهُ ما هو ذكر ودعاء ومناجاة مثل : "رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا" الآية. وكذلك : "اللهمَّ صلِّ على سيِّدنا محمد" وهو أشدُّ تأثيراً في قلب المبتدئ من ذكر لا يتضمَّنُ المناجاة لأن المناجي يُشعر قلبه قرب من يناجيه وهو ممَّا يؤثر في قلبه ويُلبسُه الخشية، ومنه ما فيه رعاية أو طلب دُنيوي أو أخروي، فالرعاية نحو قولك : " الله معي، الله ناظري يراني" فإن فيه رعاية لمصلحة القلب، فإنه يستعمل لتقوية الحُضور مع الله تعالى وحفظ الأدب معه وللاعتصام به.
وقال في تحفة الأصفياء :ثمَّ الذكر إمَّا للتعبُّد أو التوسُّل أو لطلب الخاصِّية، ولكلِّ واحدٍ من هؤلاء شرط ووجه ومادَّة، وأنواع الذكر خمسة تقضي بمُراده ووجوهه لأنها إمَّا نكتة تنصبغ بها الحقيقة فتجوزُ الظاهر والباطن وإمَّا نقطة يثلج لها القلبُ فتنبسطُ في عوالمه فيقع التصرُّف على وِفق. وإمّا هيئة تشغلُ الظاهر بمائيتها وتوجِّهُ الباطن لمعانيها فيقع التأثير على أثره، وإمّا رسمٌ يعمُّ الوقت ويحصُل التعبد، وإمّا عادَةً لا يُفيد وهو الذي يجري على ألسِنَةِ العوام بلا قصدٍ أو بقصدٍ غير جازمٍ أو بجازم لا يستشعر به الذكر ولا المذكور ولا المعنى. فالأول للعارفين والثاني للواجدين، والثالث للمريدين، والرابع للمبعدين، والخامس لعامَّة المتوجهين، ولا عبرة به إذ ليس بذكر حقيقة. انتهى كلام الشيخ أحمد زرُوق.