فصل
اعلم أن شجرة " لا إله إلا الله " شجرة السعادة ، إن غرستها في منبت التصديق و سقيتها من ماء الإخلاص و راعيتها بالعمل الصالح رسخت عروقها وثبت ساقها و اخضرت أوراقها و أينعت ثمارها و تضاعف أكلها ( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ) . فإن قلت ما ثمرة هذه الشجرة ؟ قلت : التوبة واليقظة والزهد والورع والتوكل والتسليم والتفويض ، وكل صفة من الصفات الباطنة الروحانية ، و كل خصلة من الخصال المحمودة الظاهرة الجسمانية فإن تلك الشجرة ( تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ) وهذه الشجرة تؤتى أكلها كل حين و لكن تلك حينها كل ستة أشهر وهذه حينها كل لحظة ، ونفس ثمرة هذه الشجرة قوت لعالم الأرواح وثمرة تلك الشجرة قوت لعالم الأشباح . وهذه قوت لعالم المعاني و الأسرار وتلك قوت لعالم الصور والآثار ، وإن غرست هذه الشجرة في منبت التكذيب والنفاق وسقيتها من ماء الرياء و الشقاق وتعاهدتها بالأعمال السيئة و الأفعال القبيحة و راعيتها بنقض العهد و تضيع الأمانة ، طفح عليها غدير الغدر و لقحها هجير الهجر فتأثرت ثمارها و تساقطت أوراقها و انقعس ساقها و تقطعت عروقها وهب عواصف القدر فمزقتها كل ممزق ( وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ).