آخر الأخبار

جاري التحميل ...

مناقب الشيخ الهادي بن عيسى -3

ووراثة الشيخ رضي الله عنه مقام المحمدية ثابتة لا نزاع فيها، فلما أن السم لم يضره صلى الله عليه وسلم كذلك لم يضر الشيخ رضي الله عنه كرامة له كما يشير لذلك قول البوصيري :

والكرامات منهم معجزات       حازها من نوالك الأولياء

وأما مشاركة الشيخ رضي الله عنه في العلوم فشهيرة لا تكاد تُحصى وقد بلغ ذلك حد التواتر، فقد كان رضي الله عنه يقرأ العلوم درسا بالأسطوانة حداء خزانة الكتب بالمسجد الأعظم من هذه الحضرة عمره الله بدوام ذكره، ولم يزل أهل الفضل من أهل مكناسة الزيتون يقصدونها للتبرك ويعظمونها محبة في الشيخ رضي الله عنه.

أما دخول الجذب في فقراء الطائفة العيساوية فلأن الشيخ رضي الله عنه على الطريق الشاذلية الغالب على أهلها الجمع بين الجذب والسلوك، فسيرهم غالبًا بين حقيقة وشريعة وسكر وصحو.

ولا نزاع في أن الشيخ رضي الله عنه ممن حاز المقام الأعلى في طريقهم وقد كان رضي الله عنه يذكر الاسم المُفرد الله الله الله تارة قاعدًا وتارةً قائمًا، بل كان لا يفتر عن ذكر الله تعالى إن لم يكن بلسانه فبقلبه امتثالاً لقوله تعالى : {فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ}(1) واقتداء بسيد العارفين وممدهم صلى الله عليه وسلم، في حديث الصحيحين عن أم المؤمنين مولاتنا عائشة رضي الله عنها قالت : (كانَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ يَذْكُرُ اللَّهَ علَى كُلِّ أحْيَانِهِ) (2) وعلى هذا جرى الشاذلية رضي الله عنهم، ولم يزل العلماء والصلحاء على ذلك من غير ضير. 

وأما ما نقله الحطاب في شرح المختصر عن العز بن عبد السلام أنه سئل عمن يذكر ويقول الله الله الله مقتصرًا على ذلك، هل هو كسبحان الله والحمد لله والله أكبر أم لا؟ وإذا لم يكن بثابت فهل هو بدعة لم ينقل عن السلف أم لا ؟ فأجاب : "بأنه بدعة لم ينقل مثله عن الرسول ولا عن أحد من السلف وإنما يفعله الجهلة، والذكر المشروع كله لا بد أن يكون جملة مفيدة، وهو مأخود من الكتاب والسنة وأذكار الأنبياء، والخير كله في اتباع الرسول والسلف الصالح دون الأغبياء الجاهلين". فمردود مخالف لما عليه الكافة.

قال الشهاب الخفاجي في شرح الشفا : "لم يزل أهل الله من العلماء والصالحين يذكرون اسم الجلالة مُفردًا من غير نكير عليهم فيه" وقد ورد في الحديث القدسي :(مَنْ شَغَلَهُ ذِكْرِي عَنْ مَسْأَلَتِي أَعْطَيْتُهُ أَفْضَلَ مَا أُعْطِي السَّائِلِينَ) (3) وفي التنزيل : {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}(4) وهذا ما تيسر لكاتبه في ما سألتم عنه مع استعجال وكثرة أشغال وشغل بال والعلم لله الكبير المتعال وصلى الله على سيدنا محمد ومن له من صحب وآل. انتهى.

** ** **

1 - سورة النساء، آية : 103
2 - ا المصدر : صحيح مسلم الصفحة أو الرقم: 373 .التخريج : أخرجه البخاري معلقاً بصيغة الجزم قبل حديث (634)
3 - ورد من حديث أبي سعيد الخدري ، وعمر بن الخطاب ، وجابر بن عبدالله ، وحذيفة ، رضي الله عنهم ، مرفوعاً .وعن عمرو بن مرة مرسلاً ، عن مالك بن الحارث موقوفاً .أخرجه الترمذي في " سننه " و الدارمي في " سننه " والبزار في " مسنده ".
4 - سورة الأحزاب، آية : 35.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية