وقد أدرج هذا السند الأرفع بسلسلة الطريق في هذه القصيدة الأستاذ نفع الله به العباد والبلاد وهي هذه :
ألا يا نديمي كم كذا أنت نائبًا وقد لاحت الأنوار من داخل الحجب
ولاحَ سَنَى ليلي إلى القلب ينجلي فأَخفَى لأنوار الكواكب والشهب
ولما عن الوجه الجميل ترفعت براقعُه أضحى الوُلُوعُ بها مَسبي
جَبينٌ به حَلَكُ الدياجي منوّر ومحيَّا به قد كان من قدّه يسبي
وذاتَ لها أرواح تاقت وما التوت عن الحب لمّا أن تجلت عن القلب
فبالله يا حادي بذكري أحبّتي إلى حانة الخمار يا منشدي عج بي
وسر بي إلى تلك الطلول لأنها معاهد أحبابي وسكانها سِربي
وإني شغوف في هوى الحب مغرم مُعنَّى بمن للبدر في حسنه يَسبي
فإن جزت يا ساري بحيّ أحبة محبتهم ليست وحقك من كسبي
فقل لهم هذا قتيل صدودكم وفي حبكم قد جاء يُنشد بالركب
وإني بليلى ما حييتُ مهيَّمٌ وقد لَذَّ لي في حبِّها يا فتى نهبي
فعرِّج على تلك الخيام ولُذْ بها لتفهم ما قالوه أنخب الكتب
وتدرك سرًّا طال ما كنت طالبا له ثمَّ لم تدركه من شدَّة الحجب
فته في الهوى لا تخش غيراً ولا سوى ودمدم على الكاسات إن رمت الشرب
وخد كأسها الصافي بصدق وهمة ولا تلتفت عنه بسمر ولا قضب
وإن رقّ الساقي إليك كؤوسها فهِم واغتنم واشطح وعربد على حزب
ولا تخشى فيها الملامة إنها حلال وما فيها أحا الوجد من عتب
ومنها رجال الحي في الحي قد سقوا فغابوا بها سكرا عن الأهل والصحب
وفيها بها قد جن حب ولائها وأطلق دع العين يجري كما السّحب
ولمّا سقي جبريل منها ترفّعت مكانته في منزل الأنس والقرب
ومنذ سقا جبريل منه نبيّنا غدى عن جمال الحق في كشفه ينبي
ولما سقى المختار للسيد العلي فباح بها للعاشق الواله الصب
ومنها سقى صرفا إلى الحسن الذي بها هام لمَّا سرّها رام يا صحبي
وذا قد سقى منها حبيبا فلم يزل بخمرتها نشوان دنيا وفي الترب
ودا قد سقى داوود طائي بكأسها فتاه عن الأكوان من شدة القرب
وذا قد سقى معروف كرخي فعندما تجلّت له أضحا يمزّق للحجب
وذا قد سقى منها السّرِّي فسرّه غدى تائها فيها ولم يخش من خطب
وهذا سقى منها الجنيد فجُنّ في هواها واضحا مغرمَ اللُّبّ والقلب
وهذا سقى منها الممشاد الذي بها لم يخف من شدة الهول والكرب
وهذا سقى للدينوري شربة غدى هائما لمريد وشرقا من الغرب
وهذا سقى البكري محمد من نمت مواجيده فيها على العجم والعرب
وأسقى وجيه الدين من صرف خمرها كذا جاء للواشين باتلزجر الذبّ
وذا عمر البكري أسقا فتاه في جمال حُميّاها الذي حسنه يسبي
وذا قد سقى السهروردي من غدا طبيب قلوب متقنا صنعة القلب
وذا قد سقى للأبهري الذي سما ونال بها سكرا وما مال للقلب
وذا قد سقى التبريز صرفا بكأسها فطاب بها والطيب من خمرها يُربي
وذا سقا جمال الدين هذا لأجل ذا يغادي بها سكرا يا ريح لي هبّي
وذا قد سقى للزاهد القديم الذي فنى في سواها لم يزل زاهدا مسبي
وذا قد سقى منها محمد من غدى بها مولعا ما مال بالشّتم والسبِّ
وذا قد سقى منها إلى عمر الذي بها لم يزل فانٍ لَهُفًا إلى السَّلبِ
وذا قد سقى منها محمد شربةً فصار بها يُبدي التواجُدَ بالنَّهب
وهذا لصدر الدين أسقى مدامة فتاه بها عجيا على الغوث والعطب
وهذا سقى للباكزيّ قديمها فانتشَا وردًا طار في الشرق والغرب
وهذا سقى للأرنجائيّ شربة فسوّد في أوصافها أوجُهَ الكتب
وهذا سقى للأقرائ فأحرق الحجاب بها حتى دنا حضرة الرب
وهذا سقى التوقأ خمرا معتقا فتى ذاقه ما هال للطعن والضرب
وذا سقى للشيخ شعبان من رُبا هواه وأفنى للحواجب والحجب
وذا سقى محي الدين منها فشاقه جمال لها يربو فيسكر اللبِّ
وذا سقى عمر القواريّ شربة فتاه على الأكوان فيها من العجب
وذا سقى إسماعيل من صاف الطلو فهام على الأغيار من شدة الحب
وهذا سقى من صرفها مصطفى المنا فنال المنا لما تجل له حِبِّ
وهذا سقى عبد اللطيف مدامة فأذهله حتى عن الأكل والشرب
وهذا سقى العبد الفقير بكأسها رقيق هواها مصطفى حبها المسبي
فحيّ لها يا من تسلى بغيرها ومن قد أتى يدعوك للغو وقم لي
فكم أنت يا مغرور عنها بغفلة وكم أنت يا نائ تصرُّ على الذنب
فدع غيرها إن كنت صبًّا مولّها ورُمتَ الهوى تحيا ولو صرت في الترب
فإن نلت منها لمحة من جمالها رقيت بها فيهاعلى أيمن الشعب
فسر سير أهل العشق نحو خيامها وإلا فدع ما رمتَ واعطف عن الدرب
وصل إلهي كل وقت وساعة على المصطفى المختار والآل والصحب
ولقد نقل عن سيدي عبد القادر قدس سره أنه قال : (إن الإنسان إذا لم يكن تلقَّن الذكر الشريف الذي هو التوحيد من شيخ مرشد له نسبة متصلة بالنبي صلى الله عليه وسلم فلابد أن يستحضرها عند الحاجة إليها في في وقت مصيبة الموت) وكان كثير ما ينشد :
مليحة التكرار والتثني لا تغفلين في الوداع عنّي
اللهم بحق هذه الكلمة الطيبة، وبحرمة من تلقاها من الروح الأمين الأكرم إذ بها نزل على قلب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وبهذا السند اتصل خصوصا إلى من له الولاية قدم، ونسألك اللهم أن تثبتني على طريقك الأقوم، وأن تدرجني في سلك المنعم عليهم من كل مكرم يا رباه، يا رباه، يا غوثاه، يا من القضاء المحكم المبرم أن تجمعني ومن بالصدق إلى انتماء، في الجمع الخاص يوم حشر الأمم حتى نسير منه إلى الموقف وما منا مَن يتلعثم، وامنحني إذا حضر الأجل المحتم صحّة الانتساب لكلمة التوحيد مع الشهود الأعظم، وأن تتولَّ قبض روحي كما توليت تعليمي إذ كنتُ لا أعلم، وصلِّ الله على سيدنا محمد الشفيع فينا يوم المزدحم، وعلى أله وصحبه ما قال موحد لا إله إلا الله ونطق بها وأحكم إذ هي الصراط الأقوم.