اعلم أنّ من لا يعرف آباءه وأجداده في الطريق فهو مطرود، وكلامه دعوى غير مقبولة؛ وربما انتسب إلى غير أبيه، "لعن االله من انتسب إلى غير أبيه"، وقد أجمع السلف كلهم على أن من لم يصح له نسب القوم، ولا أذن في أن يجلس للناس، لا يجوز له التصدر إلى إرشاد الناس، ولا أن يأخذ عليهم عهداً، ولا أن يلقنهم ذكراً ولا شيئاً من الطريق، إذ السر في التلقين إنما هو ارتباط القلوب بعضها ببعض إلى الرسول عليه السلام إلى حضرة الحق جل جلاله، فمن لم يدخل سلسلة القوم فهو غير معدود منهم.
وقد نرى الخيط الممدود الحسي، والحديد المسلسل كيف يسمع النداء إذا تكلم أحدهم عنده من بعيد، وهكذا يكون أمر المريد إذا أخذ الورد من الشيخ! يحصل بين قلبه وقلبه خط نوراني إلى قلب رسول االله صلى الله عليه وسلم فيحصل منه المدد، وأما إذا ترك المريد ذلك الورد! ينقطع المدد، كما ينقطع الخبر إذا انقطع الخيط ، وبطل استعداده، وانقطع عليه الطريق ورجع القهقرى.
في (الصاوي)ما حاصله: من زلَّ به القدم في عهد شيخه فنقضه؛ فإنه مطرود عن طريقه، ومتى طرد عن طريقه فقد سُلِب ما وهبه االله تعالى من النور الإلهي، فلا يرجى به الفتح في طريقة أخرى، لأن غاية الطرق واحدة، وهو قد طرد عن الغاية.
فينبغي للمريد أن يلازم على ما أمره به شيخه، فإن حفظ العهد والاشتغال بالورد إقبال على االله تعالى، ونقضه وترك الورد إعراض عنه، ومن أعرض عن االله أعرض االله عنه، والعياذ باالله ولا حول ولا قوة إلا باالله العلي العظيم.