يُحكى عن مالك بن دينار أنه قال : كان لي جار مُسرفٌ على نفسه، وكان يتعاطى الفواحش، وتبرَّم به الجيران، فأتَوْني شاكين به مُتظلمين منه فأحضرناه. وقلنا له إنَّ هؤلاء الجيران يشكونك فسبيلك أن تخرج من المحلة فقال : أنا في منزلي لا أخرج فقلنا : تبيع دارك فقال : لا أبيع ملكي ولا يمكنكم أن تخرجوني منه. فقلتُ : نشكوك إلى السلطان فقال : إن السلطان يعرفني وأنا من أعوانه، فقلتُ : ندعو الله عليك، فقال : الله أرحم بي منكم فغاظني ذلك، فلما أمسيت قمتُ وصليت فلما فرغت من الصلاة دعوتُ عليه فهتف بي هاتف : لا تدعُ عليه فإن الفتى من أولياء الله، قال : فلما أصبحت جئتُ باب داره ودققته عليه فلما خرج ورآني ظنَّ إني جئتُ لأخرجه من المحلة، فقال كالمعتذر. فقلت : ما جئت لذلك ولكن رأيت كذا وكذا، قال : ودمع عليه البكاء وقال : إني تبتُ بعد ما كان هذا. قال : وخرج من البلد ولم أره بعد ذلك. قال : فاتفق أني خرجت إلى الحج فرأيتُ في المسجد الحرام حلقة فتقدمتُ إليهم فرأيت ذلك الشاب عليلاً مطاوعاً، قال : فلم ألبث حتى قالوا قضى الشاب رحمه الله.