مخطوطة بعنوان : القول المبين في ادحاض حجج الوهابيين
تأليف : يوسف بن ابراهيم الأمير
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونستنصره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلله فلا هادي له.
والصلاة والسلام على محمد عبده ورسوله، الداعي إلى سبيله الموضح لطريقه، وعلى
آله وأصحابه وأتباعه وحزبه.
وبعد : فإنه لما وصل إلى البلد الأمين سنة 1211 جماعة من النجديين أتباع محمد
بن عبد الوهاب في عقيدته المتمسكين بطريقته وسيرته، وقدر لي الاجتماع بهم وكنتُ قد
خالطتُ في ما سبق جماعة منهم حتى عرفتُ حقيقة مذهبهم، فوقع بيني وبين هؤلاء
الواصلين البحث في مسألة من نادى غير الله تعالى من المخلوقين، إذ هي أهمّ مسائلهم
التي اتَّضح لي فيها بطلان دلائلهم، فإنهم يحكمون على من فعل ذلك بالشرك الأكبر
ولو حافظ على جميع أمور الدين وثابر، ومن لم يُكفر فهو عندهم كافر حكمه حكم من كفر
بالله واليوم الآخر، فبينتُ الكلام معهم على مسائل أثبتها هنا مقرونة بالدلائل،
وأوردتُ أدلتهم من الحديث والآيات توضيحا بطلان استدلالهم بها في هذه الورقات،
وأمّا استدلالهم بكلام مثل ابن القيم وابن عقيل فلم (...) إذ ليس فيه حجة ولا دليل
وحسبنا الله ونعم الوكيل.
المسألة الأولى : هل الشرك نوع واحد أو أكثر ؟
إن قلتم نوع واحد، فالأدلة قائمة على بطلان هذا القول وسنوردها، فيلزم أن
تقولوا أنه أكبر وأصغر.
المسألة الثانية : هل كلاهما موجب الخروج عن الإسلام أم لا ؟
إن قلتم كلاهما موجبٌ له قامت الحجة على خلاف ذلك بما سنذكره من الأحاديث
وآثار الصحابة والتابعين، فلا بد أن تقولوا إنما يخرج عن الإسلام بالشرك الأكبر
فحينئذ يبقى النزاع فيه نسرده :
أولا:الأولة على أن الشرك أكبر وأصغر،، ومثله الكفر والظلم والفسق والنفاق،
وأنه لا يخرج عن الإسلام إلّا بالأكبر،من ذلك :
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رحمه الله في
قوله تعالى :{جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا}
قال : "كان شركًا في طاعته ولم يكن شركًا في عبادته" وأخرج عبد بن
حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : {جَعَلَا لَهُ شُرَكَاءَ
فِيمَا آتَاهُمَا}قال : "كان شركًا في طاعته ولم يكن شركًا في
عبادة"وفي رواية البزار للهيثمي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال : (الرِّبَا بِضْعٌ وَسَبْعُونَ بَابًا
وَالشِّرْكُ مِثْلُ ذَلِكَ) وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير بن زياد قال : "قلتُ
للحسن قوله تعالى :{فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ
فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا}الآية. قال : في المؤمن نزلت، قلتُ : أشركٌ بالله تعالى
؟ قال : لا، ولكن أشرك بذلك العمل، عمل عملا يريد به الله والناس فذلك يُردُّ
عليه. وأخرج الإمام أحمد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد
بن أوس رضي الله عنه : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول
: (أتخوف
على أمتي الشرك والشهوة الخفية، قلتُ : أتشرك أمتك من بعدك ؟ قال : نعم، أما إنهم
لا يعبدون شمسا ولا قمرًا ولا حجرًا ولا وثنًا لكن يُراؤون الناس بأعمالهم ، قلتُ
: يا رسول الله فالشهوة الخفية ؟ فقال : يُصبح أحدهم صائماً فتعرض له شهوة من
شهواته فيترك صومه ويواقع شهوته .