آخر الأخبار

جاري التحميل ...

  1. كل الشكر والتقدير وجزاكم الله خيرا" ومزيدا" من هذه الحكم

    ردحذف
    الردود
    1. بارك الله فيكم نسأل الله التوفيق

      حذف

في ذم الدنيا ولذاتها وبيان حقيقتها


اعلم أن الدنيا عبارة عن كل ما قبل الموت، خيرًا كان أم شرًّا، ولذلك استثنى النبي صلى الله عليه وسلم، حين ذمها ما هو خير فقال : "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما كان منها لله عز وجل"(1) وفي رواية أخرى : "الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ، مَلعون مَا فِيهَا، إِلاَّ ذِكْرَ اللَّه تَعَالَى، ومَا وَالاَه وَعالماً وَمُتَعلِّماً "(2) .

وفي رواية أخرى "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا أمرًا بمعروف أو نهيًا عن منكر وذكر الله" (3) وفي رواية أخرى : "إلا ما يبتغي به وجه الله عز وجل".

فهذه الأشياء التي استثناها المصطفى صلى الله عليه وسلم هي من الدنيا أيضًا، لأنها وجدت في هذا العالم، وإنما أخرجها لأنها تصحي العبد بعد الموت، كما قال صلى الله عليه وسلم : "حُبّبَ إِلَيَّ مِنْ دنياكُمُ ثَلاث : النّساءُ والطيبُ وجُعِلَتْ قرةُ عينِي في الصّلاةِ"(4). فعدَّ الصلاة من الدنيا ولذاتها لدخول حركاتها في الحس والمشاهدة الظاهرة، فعُلِم من هذا، أن كل لذة لها ثمرة بعد الموت فهي ليست من الدنيا الملعونة، بل هي آخرة.

وأما الأشياء التي فيها لذات عاجلة ولا ثمرة لها بعد الموت، فهي الدنيا الملعونة، كالمعاصي والمباحات الزائدة على الحاجات.

وبقي قسم ثالث متوسط بين القسمين المذكورين، وهو كل حظ في العاجل يعين على أعمال الآخرة، كقدر الحاجة من المأكل والمشرب والملبس والمنكح، فهذا من القسم الأول والمحمود، وهو معدود من الآخرة أيضًا، لأنه يعين عليها.

فعلى هذا إذا أكل الرجل في نصف بطن يكون قد التذ بالطعام، وأرضى مولاه، فيحوز على حظ الدنيا وحظ الآخرة، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم : "البسوا وكلوا واشربوا في أنصاف البطون، فإنه جزء من النبوة"(5).

إذا عرفت هذا، عرفت أن الدنيا هي كل شيء يشغلك عن الله عز وجل وكل شيء يعينك على التوجه إليه فهو آخرة، وإن كان من حيث الصورة معدودًا من الدنيا، لأنه وجد في هذا العالم.

وقد بين الله تعالى حقيقة الدنيا بقوله : {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ}(6) وجميع هذه الخبائث من سبعة أشياء، ذكرها الله تعالى في كتابه العزيز بقوله : {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْـمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْـخَيْلِ الْـمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْـحَرْثِ}.(7)

فهذه السبعة بها تكون الخبائث والقبائح، وليست هي في نفسها أمورًا مذمومة، بل قد تكون معينة على الآخرة إذا صُرفت في محلها.

قال صلى الله عليه وسلم مادحًا للمال : "لا حسد إلا في اثنين : رجل آتاه الله مالًا فهو ينفق منه آناء الليل وآناء النهار، ورجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار"(8).

**  **   **

1 - رواه أبو نعيم في الحلية، والضياء المقدسي في المختارة عن جابر رضي الله عنه.
2 - رواه ابن ماجة في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه، ورواه الطبراني في الأوسط عن ابن مسعود رضي الله عنه.
3 - رواه البزار في كتابه عن ابن مسعود رضي الله عنه.
4 - رواه أحمد بن حنبل في مسنده، والنسائي في السنن، والبيهقي في السنن، كلهم عن أنس رضي الله عنه.
5 - أورده السيوطي في جامع الأحاديث بلفظ: (البسوا الصوف، وشَهِّروا، وكُلوا في أنصاف البطون تدخلوا في ملكوت السموات). وقال السيوطي : رواه الديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه.
6 - سورة الحديد آية : 20.
7 - آل عمران 14.
8 - متفق عليه بين البخاري ومسلم في الصحيحين والإمام أحمد في مسنده.

السير والسلوك الى ملك الملوك 

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية