واعلم أن من فوائد التلقين ارتباط القلوب بعضها ببعض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إلى الله عز وجل، وأقل ما يحصل للمريد الصادق إذا دخل سلسلة القوم بالتلقين أن يكون إذا حرك حلقة نفسه تجاوبه أرواح الأولياء من شيخه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حضرة الله عز وجل، فمن لا يدخل في طريقهم بالتلقين فهو غير معدود منهم، وإذا تحرك لا يجبه أحد.
ومن آداب التلقين وما يستحسن له :
أن يأمر الشيخ المريد قبل ذلك أن يبيت ثلاث ليالٍ على طهارة، ويصلي كل ليلة ست ركعات، يقرأ في أولاها الفاتحة مرة، وإنا أنزلناه ستا، وفي الثانية الفاتحة وإنا أنزلناه مرتين، ويسلم ويهدي ثواب ذلك إلى روح النبي صلى الله عليه وسلم ويستمد منه صلى الله عليه وسلم القبول والعون والفتح، ثم يصلي ركعتين، يقرأ في الأولى الفاتحة والكافرون خمسًا، وفي الثانية الفاتحة والكافرون ثلاثًا، ويهدي ثواب ذلك إلى الأنبياء والمرسلين والأولياء أجمعين، ويستمد منهم، ثم يصلي ركعتين، يقرأ في الأولى الفاتحة والإخلاص أربعًا، وفي الثانية الفاتحة والإخلاص مرتين، ويهدي ثواب ذلك لمرشده ومشايخه، ويستمد منهم أجمعين القبول والفتح، ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم عشرًا، ويقول في الأخيرة منها : وعلى جميع الأنبياء والمرسلين وآل كلٍّ وصحبهم عدد ما خلق الله بدوام ملك الله، فإن كان يحسن ما تقدم فعل وإلا قرأ في الجميع سورة الإخلاص وإلا بالفاتحة، ثم يجلس متربِّعًا يشرع في قوله : جزا الله عنا سيدنا ونبينا محمدًا صلى الله عليه وسلم ما هو أهله، ألف مرة، كل ليلةعند نومه، ويكون ذلك آخر عمله في فراشه حال كونه مستحضر النبي صلى الله عليه وسلم كأنه يراه متأدبا بين يديه بذلك الحضور والاستحضار وهو واضع جنبه على فراشه حينئذ وهو يذكر ليأخده النوم على ذلك، فإن كان المريد شريف الاستعداد صادق الحالات حصل له من ذلك وقائع حسنة وإمدادات جميلة بأول أمره ليتبين حاله واستعداده قبل تلقينه ذكر الأم، وإذا أراد الشيخ غير ذلك العدد بأزيد منه أو أقل جاز على حسب نظره في المريد أو بغير ذلك، كورد : اللهم يا رب محمد صل على محمد، واجز محمداً عني ما هو أهله ألفًا، أو كما يرى بأزيد أو أقل، أو سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم، أستغفر الله.
وقال في السبط المعين في فضل الذكر والتلقين بعد توبته : يستغفر الله مائة ألف مرة، فإذا أتمها صلى على النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة مائة ألف مرة، وهي : "اللهم صل على سيدنا محمد الحبيب، وعلى آله وصحبه وسلم" فإذا أتمها لقَّنه ذكر الأم.
وقال بعضهم : من مستحسناته أنه يستغفر الله سبعين ألف مرة، ثم يسبح مائة ألف مرة، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم مائة ألف مرة، ثم يلقنه ذكر الأم، فكل هذه مفاتح خزائن الله تعالى، فهو مفاتح الطريق في قلوب عباده المسترشدين به إليه، وبعد ذلك يلقنه الذكر، صبح الثلاث، إن كان مقيمًا، أو ليله إن كان مسافرًا فإن ضاق وقته أمره بالوضوء وصلاة ركعتين لله بقصد التوبة ويهدي ثواب ذلك لأهل السلسلة جميعًا وللنبي صلى الله عليه وسلم، ويستمد منهم العون والفتح والقبول من الله عز وجل.
** ** **
1 - الراوي:[أبو هريرة] المحدث:الزرقاني المصدر:مختصر المقاصد الجزء أو الصفحة:961