آخر الأخبار

جاري التحميل ...

المنح القدوسيّة في شرح المرشد المعين بطريق الصوفيّة - 17

ثم قال رضي الله عنه :

لَوْ لَمْ يَجِبْ وَصْفُ الْغِنَى لَهُ افْتَقَرْ    لَوْ لَمْ يَكُنْ بِوَاحِدٍ لَمَا قَدَرْ

أخبر هنا بأن الحق عزّ وجلّ غني عن تصور الاثنينية بوجود الوحدانية، لأن الاثنينية وهي الغيرية لا وجود لها مع وجود الأحدية، والوجود من حيث ذات وصفات وأفعال ولا زائد عن أفعاله ولا أجنبي منها، والوحدانية لله في الذات والصفات والأفعال، ولو لم يكن بواحد كما قال الناظم : لما قدر على إيجاد ممكن أو إعدامه بحيث لو تعلقت الصفات بما سوى أسرار الذات لوقعت مع القدرة عليه مشقة، لأن الغير لا يوافق إلا بالقهرية، ولما كان واحداً في ذاته وصفاته وأفعاله والفعل ليس بأجنبي وإنما هو مظهر من مظاهر الصفات وتجلِّ من تجليات الأسماء، كان العالم من حيث هو متلاشياً في ظهور الأسماء والصفات، حتى لو جردته عن الأسماء والصفات لم يثبت في نظرك لعدمه في الواقع.

فلهذا قال الناظم رحمه الله
لَوْ لَمْ يَكُنْ حَيًّا مُرِيدًا عَالِمَا        وَقَادِرًا لَمَا رَأَيْتَ عَالَمَا

أي لو لم تكن هذه الصفات ظاهرة في المكونات لما رأيت عالماً، لأن ما سوى هذه الصفات لا ظهور له إلا بظهورها ولا إثبات له إلا بإثباتها، وإلا فهو باطل زائل لا مقام له في الخارج.

ولهذا قال رضي الله عنه
وَالتَّالِي فِي السِّتِّ الْقَضَايَا بَاطِلُ       قَطْعًا مُقَدَّمٌ إِذًا مُمَاثِلُ

والمراد به التالي في الست قضايا أي متعلق الصفات الستة والصادر عن مقتضياتها، وهي القدرة والإرادة والسمع والبصر والكلام، فالصادر عن هاته الصفات في تعلقاتها وهو ما سوى الله تعالى إن صور فهو باطل، وذكر هذه الست صفات من دون الحياة لأن حياة الله لا تتعلق بشيء بخلاف ما سواها من الصفات الست، والوجود منحصر في تجليات الأسماء والصفات كما تقدم انحصار الحصير في الحلفة، فلو جردت الحلفة عن الحصير لم يبق هناك اسم ولا رسم، فلهذا قال : لَوْ لَمْ يَكُنْ حَيًّا مُرِيدًا عَالِمَا وَقَادِرًا لَمَا رَأَيْتَ عَالَمَا.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية