واعلم أن أول
المقامات التوبة وآخرها المعرفة كما قال :
(مَا
تَحْصُلُ المَحَبَّةُ إِلَّا بَعْدَ اليَقِينِ)
ما تحصل المحبة
إلا بعد اليقين بوجود المحبوب إذ كيف يحب الشيء قبل معرفته.
(والمُحِبُّ
الصَّادِقُ قَدْ خَلَا قَلْبُهُ مِمَّا سِوَاهُ وَمَا دَامَ عَلَيْهِ بَقِيَّةُ
مَحَبَّةٍ لِسِوَاهُ فَهُوَ نَاقِصُ المَحَبَّةِ)
(مَنْ
تَلَذَّذَ البَلاء فَهُوَ مَوْجُودٌ، وَمَنْ تَلَذَّذَ بِالنَّعْمَاءِ فَهُوَ
مَوْجُودٌ، فَإِذَا أَفْنَاهُ عَنْهُ ذَهَبَ التَّلَذُّذُ بِالبَلاَءِ
وَالنَّعْمَاءِ)
مَن تلذَّذ
بالبلاء وصبر عليه لِما رآه من الأجور فهو معه موجود، ومَن تلذَّذ وفرح بالنَّعماء
فهو معها موجود، فإذا أفناه الله تعالى، أي أفنى المُتلذِّذ بهما عنه، أي عن
التلذُّذ بهما أو عن المتلذذ بهما يجعل الضمير راجعًا إلى لفظ من ذهب التلذذ
بالبلاء والنعماء، لأن في مشاهدة المحبوب دهشة، والمدهوش بين البلاء والإنعام.