الحزب الأعظم والورد الأفخم
ترجمةُ صاِحبِ الحِزبِ
المُلَّا علي القاري الهروي (ت. 1014هـ - 1606م) هو فقيه حنفي ماتريدي صوفي، من علماء أهل السنة والجماعة.
ولد ب"هَرَاة" من مدن خراسان، وتلقَّى من علمائها، ثمَّ رحل إلى مكَّة، فجاور بها، وأخذ عن علمائها، وكان يكسبُ قُوتَه من كتابة المصاحف، فكان يكتب كلّ عام مصحفاً بخطه الجميل، وعليه طرر من القرآن والتّفسير، فيبيعه، فيكفيه لقوت عامه.
كان غزير العلم، كثير التَّأليف، وقد أربت مؤلفاته على خمسة وعشرين ومائة مؤلَّف، ما بين كتابٍ من مجلَّدات، ورسالةٍ في ورقات: في الفقه والحديث والتَّفسير والقرآن والأصول وعلم الكلام والتَّصوّف والتّاريخ والطّبقات والتّراجم واللّغة والأدب والنّحو، وغير ذلك. ومن شهر كتبه: شرح مشكاة المصابيح. ومازال يفيد النّاس، ويشتغل بالعلم والتّأليف حتَّى توفّي في شوال، من سنة أربعة عشر وألف من الهجرة، ودفن بمقبرة المعلاة بمكّة المكرَّمة.
بِسْــــمِ آللهِ ألَرّحَْمَـٰـنِ ألرّحِيــــمِ
الحَمْدُ لله الذي دَعَانَا للإيمانِ، وهَدَنا بالقُرآنِ، وأجَابَ دَعْوتَنَا بالفضْلِ والإحْسانِ. والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى سَيِّدِ الخَلْقِ،الدَّاعي إلى دَعْوَةِ الحَقِّ. وعَلَى آلهِ وصَحْبِهِ وتَابِعيهِ وحِزْبهِ الدُّعَاةِ إلى كَلِمَتهِ والرُّعاةِ لأمتِهِ في مِلَّته.
أمَّا بَعْدُ، فيقولُ العبدُ الدَّاعي الرَّاجي مَغْفِرَةَ رَبِّهِ البَارِي عليُّ بنُ سُلْطانِ مُحمَّدٍ القارِي (سَتَر الله عُيُوبَهُمَا، وغَفَر ذُنُوبَهُمَا): لمَّا رأيْتُ بَعْضَ السَّالكينَ يَتَعلَّقونَ بأورادِ المَشايخِ المُعْتَبرينَ، وبأحْزابِ العُلماءِ المكرَّمينَ، حتَّى رأيتُ بعضَهُمْ تَعلَّقوا بالدُّعاءِ السَّيْفيِّ والأربعينَ الاسْميِّ، ووَجَدْتُ بَعْضَ العوامِّ يتَقَيَّدونَ بقراءَاةِ نحوِ دُعاءِ القَدَحِ، ويذكُرُونَ في إسنَادِه مَالا شُبْهَةَ فيهِ مِنَ الوَضْعِ والقَدحِ، فَخَطَر ببالي أنْ أجْمَعَ الدَّعَواتِ المأثُورَةَ في الأحاديثِ المَنثُورةِ مِنَ الكُتُبِ المُعْتَبرةِ المَشْهُورةِ، كالأذكَارِ للنَّوويِّ، والحِصُنِ للجَزَرِيِّ، والكَلِمِ الطَّيِّبِ، والجَامِعَيْن، والدُّرِّ للسُّيُطيِّ، والقولِ البديعِ للسَّخَاويِّ (رحمهُمُ الله تَعالى) مُقدِّماً للدَّعَواتِ القُرْآنيةِ، وخَاتِماً بكيفيَّاتِ الصَّلواتِ المُحَمَّديَّةِ المُصْطَفَويَّةِ النُّورَانيَّةِ، راجياً دُعَاءَ مَن يدْعُو للدَّاعي، فإنَّ الدَّالَ على الخَيْرِ كالسَّاعِي، وأسْألُ الله أن يجعَلَ سِعْيِي مَشْكُوراً، وقَصْدِي مَبْرُوراً.
وهذَا الجَمْعُ الذي هُوَ مَعْدِنُ الدُّعاءِ، ومَنبَعُ الثنَاءِ عَلَى ألسِنَةِ الطَّالبينَ مَذْكوراً، وعَن تحْريفِ المُبطلينَ مَذْكوراً، وعَن تحْريفِ المُبطلينَ وتَصْحيفِ المُلْحِدينَ مَهْجُوراً، وسَمَّيتُهُ: الحِزْبَ الأعْظَمَ، والوِرْدَ الأفخَمَ، لانتِسَابِهِ واستِنَادِهِ إلى الرَّسولِ الأكرمِ صلى الله عليه وسلم وشَرَّفَ وكَرَّم.
فَعَليْكَ بحفْظِ مَبَانِيهِ، والتَّأمُّلِ في مَعَانيهِ، والعَمَلِ بِمَضْمُونِ ما فيهِ، فإنَّهُ شَامِلٌ للمُنجيَاتِ، ومذّرٌ للمُهْلِكاتِ، لأنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يترُكْ خَصْلَةً سعيدةً إلا طَلَبَها مِنَ الله تعالى وسَألَهَا، ولا فعْلَةً قَبيحَةً وفِطْرةً رّدِيَّة إلاَّ استَعاذَ بهِ مِنْهَا، إجْمَالاً وتفَصيلاً، وإكْمالاً وتَكْميلاً، وتَذْييلاً وتَتْمِيماً، وإعْلاماً وَتَعْليماً، زَادَهُ الله تعَالَى شَرَفاً وتَعْظِيماً وإجْلالاً وتَكْريماً.
فَهَذا كمالُ طَريقِ المُتَابعَةِ النَّبَّويَّةِ، وزبدةُ المَقَاماتِ العَلِيَّةِ, المَنسوبة إلى السّادةِ الصُّّويَّة الصّفيّة، فَإنْ قَدَرْتَ علَى قِرَاءَتِهَا كُلِّ جُمعَةٍ، وإلاِّ فَفِي كُلِّ شَهْرٍ، وإلاَّ فَفِي كُلِّ سَنَةٍ، وإلاَّ فَفِي العُمْرِ مَرَّةً أيضاً غَنيمَةٌ، وإذَا أرَدْتَ قِرَاءَتَهُ فِي عَرَفاتٍ فَذدْ فيهِ: لا إلَهَ إلاَّ الله وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لهُ، لهُ المُلْكُ ولَهُ الحَمْدُ وهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ مِئَةَ مَرَّةِ، وسُورَةَ الإخْلاَصِ مئَةَ مَرَّةٍ، وسُبْحانَ الله والحَمْدُ لله ولا إلهَ إلاَّ الله والله أكْبَرُ مِئَةَ مَرَّةٍ، ولاسْتِغْفَارَ مِئَةَ مَرَّةٍ، والصِّلاةَ على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مِئَةَ مَرَّةٍ، وزِدِ التَّلْبيَةَ في أثْنَاءِ الدَّعواتِ والبُكَاءَ والتَّضرُّعَ لِقَبُولِ الحَاجَاتِ.
** ** **
جزاكم الله عنا خير الجزاء فوالله انه لحزب عظيم لرجل عظيم القدر تابع لنبي عظيم عبد لرب عظيم
ردحذفبارككم الله وجزاكم خيراً شيخنا الفاضل الكريم
ردحذفجازاكم الله خيرا
ردحذف