(لا يُخَافُ عليكَ أنْ تَلْتَبِسَ الطُّرُقُ) طرق الخير وطرق الضير (عليكَ) فلا تقدر على تمييز خيرها من شرها لالتباسها في ذواتها لأنَّ ذوات الطرق متباينة، وهي متَّصفة بأوصاف متفارقة، فطرق الهداية باينة ظاهرة، وطرق الغواية واضحة باهرة لا اشتباه بين ذواتها حتى تلتبس.
(وإنَّما يٌخَافُ عَليْكَ مِنْ غَلَبَةِ الهَوَى) التي تعمي نور البصيرة التي تميِّزُ بين طُرُق الهداية والغواية.
والهوى : مَيْلُ النفس الأمارة بالسوء إلى ما تشتهيه من الشهوات واللذّات والبدعات والسيئات، فإذا غلب هواها وانجذبت إلى ما تهواه أطفأت ظلماتُها نورَ البصيرة، وغطَّتها حتى تجعلها عمياء لا تدرك إلَّا ما أُشربت من هواها، فحينئذ ينحرف صاحبها عن الصراط المستقيم وطرق الرشد، إلى طريق الجحيم وسُبلِ الغيّ، كانحراف أعمى البصر عن السبيل الواضح إلى غيره، لا لأنَّ السُّبُل ملتبسة، بل لِعَماه.
فإيَّاك وغلبة الهوى لئلَّا تُصرَف عن طرق الهدى إلى سُبُل الرَّدى.
شرح الحكم العطائية
السندي