الفصل الأول
خصائص ومظاهر تصرُّف النبي صلى الله عليه وسلم
بالتزكيَّة
خصائص ومظاهر
تصرُّف النبي صلى الله عليه وسلم بالتزكيَّة.
لنجاح الرسول
صلى الله عليه وسلم في هذا المنصب الديني العظيم، ولكي يكون تصرفه بالتزكيّة على
أكمل وجه، حتى تتحقق المقاصد التي من أجلها بعث، فقد أمدَّهُ الله تعالى بخصائص
انتفع بها صحابته رضي الله عنهم وأمته من بعده.
الإذن الإلهي :
من تمام عصمة الأنبياء أنهم لا يقصدون فعل شيء إلّا بالإذن الإلهي، فهم متبعون لإرادة الله ومشيئته، وهذا حال رسول الله صلى الله عليه وسلم مع ربه، ومن أمثلة ذلك على وجه التمثيل لا الحصر، حاله صلى الله عليه وسلم في الهجرة إلى المدينة إذ قال صلى الله عليه وسلم لأصحابه : "إني رأيتُ دار هجرتكم، ذات نخل بين لابتين"1، وتجهز أبو بكر الصديق قبل المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "على رسلك فإني أرجو أن يؤذنَ لي".2
بل إن أمر دعوته صلى الله عليه وسلم كله كان بالإذن الإلهي، قال تعالى :{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا}.3
والسر في ذلك أن الإذن الإلهي دعامة قوية وحصانة عظيمة لصاحبه حتى تكون الدعوة خالية من المقاصد التي لا يريدها الحق عز وجل.
وهكذا استمدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الإذن في التزكيَّة من قوله تعالى :{وَيُزَكِّيهِم} فأصبح صلى الله عليه وسلم مزكيًّا بالإذن والأمر الإلهي، وهو شرف للمُزكِّي والمُزَكَّى.
الهوامش
1 - اللابتان هما الحرتان، أي الأرض القاحلة.
2 - صحيح البخاري عن عائشة، كتاب : فضائل الصحابة، باب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة.
3 - الأحزاب : 46.