وأما قسم
البدايات فهو عشرة أبواب : اليقظة، والتوبة، والمحاسبة، والإنابة، والتفكر،
والتذكر، والاعتصام، والفرار، والرياضة، والسّماع.
باب
اليقظة
قال تعالى :
{قُلْ إِنَّمَا أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى
وَفُرَادَى}[سورة سبأ:الآية 46] القومةُ لله هي اليقظة من سِنة الغفلة والنهوض عن ورطة الفترة.
إنما صدَّرَ الباب
بالآية لنُنبِّه أهل الغفلة وكفى بالقرآن واعظاً ومُنبِّهاً. ولا شكَّ أنَّ الإنسان
المغمور في غواشي النشأة، الذاهل عن الحقِّ ونور الفطرة بمقتضيات الطبيعة : كالنائم
بالحقيقة، كما قال عليه السلام : (النّاسُ نِيَّام) فلا بدَّ له من مُنبِّهٍ، وهو واعظُ
الله تعالى في قلبه بانقذاف نور اسم "الهادي" فيه؛ فيتنبَّه.
وذلك الانتباه هو نفسُ القَومة لله تعالى، المُسمَّاة عندهم ب"اليقظة" لأن الغافل عن فطرته إذا حصل له شعورٌ بنور الفطرة فقد قام لله تعالى بأمره، ونهض عن فترته؛ ولهذا قال :
وذلك الانتباه هو نفسُ القَومة لله تعالى، المُسمَّاة عندهم ب"اليقظة" لأن الغافل عن فطرته إذا حصل له شعورٌ بنور الفطرة فقد قام لله تعالى بأمره، ونهض عن فترته؛ ولهذا قال :
(وَهِي أول مَا يَسْتَنِير قلب العَبْد بِالْحَيَاةِ لرؤية نور التَّنْبِيه)
فإن
"ما" مصدريَّة، و"الحياة" هي الحياة الحقيقيَّة اللازمة للفطرة
الإنسانية المجرَّدة. أي أول استنارة القلب بالحياة الذاتيّة له.
وعلَّل الاستنارة برؤية نور التنبيه الإلهي الذي به اتِّصال القلب بالحقِّ، وذلك لا يكون إلّا إذا قام العبدُ عن مهد البدن بتجرُّده عن ملابسه؛ فاليقظةُ المفسَّرة بالاستنارة المذكورة عينُ القومة لله تعالى وإن لم يشعر العبدُ به.
وقد ذكر وجه كونها أول مقامات البدايات، وتفسير الشيخ مؤكِّدٌ له، إذ لا بدَّ في التهيُّؤ فيه للسير من القيام.
ثم عدَّد خواصَّها اللازمة لها الذي إذا انتفت، انتفت اليقظة؛ وإذا وجدت اليقظة وجدت. فعبَّر عنها بلوازمها؛ كما نقول : "الحَجُّ عَرَفَةٌ" فقال :
وعلَّل الاستنارة برؤية نور التنبيه الإلهي الذي به اتِّصال القلب بالحقِّ، وذلك لا يكون إلّا إذا قام العبدُ عن مهد البدن بتجرُّده عن ملابسه؛ فاليقظةُ المفسَّرة بالاستنارة المذكورة عينُ القومة لله تعالى وإن لم يشعر العبدُ به.
وقد ذكر وجه كونها أول مقامات البدايات، وتفسير الشيخ مؤكِّدٌ له، إذ لا بدَّ في التهيُّؤ فيه للسير من القيام.
ثم عدَّد خواصَّها اللازمة لها الذي إذا انتفت، انتفت اليقظة؛ وإذا وجدت اليقظة وجدت. فعبَّر عنها بلوازمها؛ كما نقول : "الحَجُّ عَرَفَةٌ" فقال :
واليقظة هي
ثلاثة أشياء :
الأول : لحظُ
القلبِ إلى النعمةِ على الإياسِ من عَدِّهَا، والوقوفُ على حدِّها ، والتفرُّغُ
إلى معرفةِ المنَّةِ بِهَا ،والعِلمُ بالتَّقصيِر في حَقِّهَا .
أي أول الثلاثة
الباعثة على القيام بأداء شكر النعمة بالطاعة والجدّ والاجتهاد في العبادة، وهي :
ملاحظةُ النعم الظاهرة والباطنة، والسّابقة واللّاحقة كما قال تعالى : {أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}[سورة لقمان :الآية 20] مع "اليأس من عدِّها" فرادى - لكونها غير متناهية- ، ومن البلوغ إلى نهايتها و"الوقوف على حدِّها" - مجموعة لامتناع انحصارها في حدّ -.
ثمَّ التفرُّغ إلى معرفة أنها من الله تعالى على سبيل الامتنان والموهبة، لا على سبيل الاستحقاق والمجازات؛ فإنها حظوظ وقِسَمٌ قُدِّرَت في الأزل قبل وجودنَا.
ثم العلم بأنّا - وإن استفرغنا الجُهد وبلغنا الوسع في القيام بشكرها - كنَّا في غاية التقصير في حقِّها، فإنّا لا نقوم بشكرها إلّا بآلات هي أيضًا من النعم، ولا نستطيع استعماله إلا بالحول والقوَّة والتوفيق للعمل، التي هي نعم كلها منه.
فلا سبيل إلى القيام بحقِّها إلا بالاعتراف بالعجز منه والتقصير، لأنَّا كلّما ازددنا في الشكر والطاعة والقيام بحقِّ النعمة ، ازدادت النعم أضعافاً مضاعفة.
ملاحظةُ النعم الظاهرة والباطنة، والسّابقة واللّاحقة كما قال تعالى : {أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً}[سورة لقمان :الآية 20] مع "اليأس من عدِّها" فرادى - لكونها غير متناهية- ، ومن البلوغ إلى نهايتها و"الوقوف على حدِّها" - مجموعة لامتناع انحصارها في حدّ -.
ثمَّ التفرُّغ إلى معرفة أنها من الله تعالى على سبيل الامتنان والموهبة، لا على سبيل الاستحقاق والمجازات؛ فإنها حظوظ وقِسَمٌ قُدِّرَت في الأزل قبل وجودنَا.
ثم العلم بأنّا - وإن استفرغنا الجُهد وبلغنا الوسع في القيام بشكرها - كنَّا في غاية التقصير في حقِّها، فإنّا لا نقوم بشكرها إلّا بآلات هي أيضًا من النعم، ولا نستطيع استعماله إلا بالحول والقوَّة والتوفيق للعمل، التي هي نعم كلها منه.
فلا سبيل إلى القيام بحقِّها إلا بالاعتراف بالعجز منه والتقصير، لأنَّا كلّما ازددنا في الشكر والطاعة والقيام بحقِّ النعمة ، ازدادت النعم أضعافاً مضاعفة.