رسالة
في انشغال الناس بالحس عن المعاني
ومنها : فالحس
قد استولى على الناس فأخد قلوبهم وجوارحهم، وتركهم {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ}، مع وجود
علمائهم وصلحائهم وأمرائهم، وقد قلَّ من سلم منهم غاية، وكثيرين لا يخوضون إلا
فيه، ولا يشتغلون إلا به، ولا يعرفون إلا هو، والمعاني كأن الله تعالى لم يجعلها
لهم، مع أنه سبحانه وتعالى قد جعل لكل واحد منهم منها مثل ما جعل للبحر من
الأمواج، والله لو علموها ما اشتغلوا بالمحسوسات عنها، ولو علموها لوجدوا أنفسهم
فيها بحور لا ساحل لها، والله على ما نقول وكيل.
فإن قلت : كيف
جرى للناس حتى أخدت قلوبهم وجوارحهم مع وجود علمائهم وصلحائهم وأمرائهم ؟
قلت : وقع
بالجميع ما وقع إلا النادر منهم والنادر لا حكم له.
سمعت أستاذي
رضي الله عنه يقول : الدنيا قد دخلت مع العلماء في علمهم، ومع الفقراء في فقرهم،
فلبستهم حقيقة ما بأيديهم. والأمر كما قال رضي الله عنه والسلام.