العَابِدُ مَا لَهُ سُكُونٌ،والزَّاهِدُ مَا لَهُ رَغبَةٌ، والصّدِّيقُ مَا لَهُ ارْتِكَانٌ، والعَارِفُ مَالَهُ حَوْلٌ وَلَا قُوَّةٌ وَلَا اخْتِيارٌ وَلَا إِرَادَةٌ وَلَا حَرَكَةٌ وَلَا سُكُونٌ، وَالمَوْجُودُ مَا لَهُ وُجُودٌ.
العابد ماله، أي ليس له سكون بل حركة، لأنه مجاهد كما مر، والزاهد ما، أي ليس له رغبة فى غير الله، والصّدّيق ما لَهُ، أي ليس ارتِكان، أي ركون إلى غير الله، إذ الصدق عماد الأمر وبه تمامه،والعارف ما لَهُ، أي ليس حولٌ ولا قوَّة ولا اختيار ولا إرادة ولا حركة ولا سكون، فهو بالله والموجود بالله ما له، أي ليس له وجود مع نفسه لفنائه باستغراقه بالله وتقدّم هذا.
إِذَا اسْتَأْنَسْتَ بِهِ، اسْتَوْحَشْتَ مِنْكَ.
إذا إستأنست به تعالى بأن شهدته محيطا بكل شيء خلقا وعلما، وتطهرتَ من الشرك الخفى، استوحشتَ من غيره حتى منك، لأنك كنتَ ترى أنَّ ذلك منك .
مَنِ اشْتَغَلَ بِنَا لَهُ أَعْمَيْنَاهُ، وَمَنِ اشْتَغَلَ بِنَا لَنَا بَصَّرْنَاهُ.
من اشتغل بنا وبعبادتنا لهُ أَعمَيناهُ من رؤية المعارِف الإلهية لوقوفِهِ مع علمه، ومَن اشتغلَ بنا لنا بصّرناه لرؤيتها، بأن كشفنا عنه حجب الكائنات.
إِذَا زَالَ هَوَاكَ كُشِفَ لَكَ عَنْ بَابِ الحَقِيقَةِ، فَتَفْنَى إِرَادَتُكَ، فَيُكْشَفُ لَكَ عَنِ الوَحْدَانِيَّةِ، فَتَتَحَقَّقُ أَنَّهُ هُوَ بِلاَ أَنْتَ.
إذا زال هواك الدنيوى كشف لك أيها السالك عن باب الحقيقة الربّانيّة بحيثُ يغلب على القلب، فتفنى إرادتك، فيكشف لك عن الوحدانيّة، فترى الوجود كلّه لله بنور يقذفه الله فى قلبك فتحقّق لفنائك عن غيره تعالى، أنه تعالى هو الفاعل الموجود بلا أنت، وفى نسخة "لا أنت" فلا ترى إلاّ هو بعنايته.