قوله : (وعلمنا من لدنك علما نصير به كاملين.. إلخ) رفع نصير على أن الجملة صفة لما قبله، ونظيره قوله تعالى : {وَلِيّاً* يَرِثُنِي} على قراءة الرفع، لأنه لم يقصدبه جواب الدعاء حينئذ، ولو قصده لجزمه كما تقدم له جزم (تقنا) على أن سر تخصيص كل بما اختص به صحة إسناد تقنا فيما تقدم إلى الله فيحسن فيه جواب الدعاء بخلاف نصير فيحسن الوصف والله أعلم.
قوله : (ولا نسألك دفع ما تريد ولكن نسألك التأييد بروح من عندك.. إلخ) قال في القصد :
(رأيت كأني من النبيين والصديقين فأردت أن كون معهم، ثم قلت : "اللهم أسلك بي سبيلهم مع العافية مما ابتليتهم فإنهم أقوى مني ونحن أضعف منهم"، فقيل لي : قل وما قدرت من شيء،فقلت : فأيدنا كما أيدتهم).
وفي دعاء لواضع الحزب رضي الله عنه : (وأيدنا بروح منك حتى لا نؤتى أنفسنا وأهواءنا ولا نتبع شيطاننا واجعلنا من حزبك فإن حزبك الغالبون) وكل ذلك موافق الآية {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ}[المجادلة:22] ومقتبس من نورها، والمراد به روح الوصلة واليقين، كما سيقول وانصرنا باليقين والتوكل عليه.
وفي حزب الإمام البرزلي : (وانصرني باليقين وأيدني بالروح الأمين) يعني جبريل عليه السلام.
وقد قيل في تفسير الآية أيضاً والتأييد التقوية وهو نافع في سر التجلي ونور الشهود لكونه حياة الروح وفيه قوتها.
وقد قال الورتجيني على قوله تعالى : {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ} :أيدهم الله تعالى لتجلي ذاته لأرواحهم، وما أبقاهم في رؤية الصفات بل أغرقهم في قاموس الذات فوجدوا فيه أسرار جواهر الربوبية، وحقائق أنوار الألوهية وذلك الوجدان لأنه نفخ من روح الأزل في أرواحهم روح العارف فصارت أرواحهم مؤيدة بروح منه.
وفي نوادر الأصول بعد ذكر التأييد بروح اليقين قال له القائل : ما روح اليقين ؟ قال :برد القربة من الرحمة والعطف فراحت بها من نور النفس وحرارتها وليس فيما قلت شفاء لأنك لم تصل إليه والشفاء لمن وصل واحتظى منه وذلك أن النفس خرجت من هوى المخلوقين إلى هوى القربة وكل الطيب هناك.
وقال الكواشي في تفسير الآية عن بعضهم : حياة الروح بالتأييد، وحياة النفس بالروح، وحياة الروح بالذكر، وحياة الذكر بالذاكر، وحياة الذاكر بالمذكور" ثم قال : {وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِّنْهُ} أي قواهم بنصره الحسي، سمى النصر روحاً لأن أمرهم يحيا به، والروح الإيمان أو القرآن أو الحجة أو الرحمة أو جبريل عليه السلام أيدهم الله به.
واقتصر غيره على تفسير الروح بالنور في الآية.