آخر الأخبار

جاري التحميل ...

الخطاب الرّوحي في الأدب الصوفي -25


مفهوم التصوف اصطلاحا :


ذكر القشيري في رسالته أكثر من خمسين تعريفا للتصهوف من الصوفية المتقدمين ،(1) ويتجه الكثير من الباحثين في تعريف التصهوف إلى الجانب الأخلاقي، وهذا شائع عند الصوفية أنفسهم:

جاء في سير أعلم النبلاء والرسالة القشيرية: «التصوف خلقٌ، فمن زاد عليك في الخلق زاد عليك في التصوف».(2)
وذكر أبو القاسم القشيري في رسالته، « أن التصوف هو الدخول في كل خلق سني والخروج من كل خلق ديني».(3)
كما يقول أبو الحسن الشاذلي: " التصوف تدريب النفس على العبودية وردها لأحكام الربوبية"(4).
وأورد عبد الحليم محمود في كتابه قضية التصوف المنقذ من الضلال، بعض التعاريف التي يراها
تتجه الوجهة الصحيحة في تعريف التصوف، وهي(5) :
- سئل أبو سعيد الخراز(ت268ه) عن الصوفي فقال: من صفّى ربه قلبه، فامتلأ قلبه
نوراً، ومن دخل في عين اللذة بذكر الله.
- وقال الجنيد البغدادي (ت 297ه :) التصوف هو أن يميتك الحق عنك، ويُحييك به.
- وعرفه الكتاني (ت 322ه): التصوف هو صفاء ومشاهدة .
- ويرى جعفر الخلدي (ت348ه) أن التصوف هو طرح النفس في العبودية، والخروج
من البشرية، والنظر إلى الحق بالكلية.
- وسئل الشبلي (ت 334ه ) عن التصوف فقال: بدؤه معرفة ونهاته توحيد.

كما أوردت المستشرقة أنا ماري شيمل في كتابها الأبعاد الصوفية في تاريخ الإسلام وتاريخ التصوف، أن التصوف هو: "أكبر تيار روحي يسري في الأديان جميعها، وبمعنى أشمل يمكن تعريف التصوف بأنه إدراك الحقيقة المطلقة، سواء سميت هذه الحقيقة حكمة أو نور أو عشق"(5).

ومن خلال ما سبق، يمكن القول إن التصوف يعد طريقة من الطرق الإسلامية، وبمعنى آخر هو روح الإسلام وجوهره، كونه يعد تصفية للقلب وتطهيره، و إخلاص العبودية لله وتحرير الجسد من براثن النفس الشيطانية وشهواتها، وكذا نبذ الدنيا و هجر لذاتها والخشوع والصمت و التأمل في مخلوقات الله وبديع صنعه للوصول إلى الحقائق الروحية التي من أجلها خلق الإنسان، قال تعالى : ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالاِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.(6)

والجدير بالذكر هنا أن للتصوف مكانة مرموقة في المجتمع الإسلامي، غير أن تلك المكانة لم تبق بل أضيف إليه ما ليس فيه، ودخل فيه رجال ليسوا من أهله كالدجالين والمنحرفين فوجدوا فيه مجالا لدجلهم وخرافاتهم وشعوذتهم، فأساؤوا بذلك إليه أبلغ إساءة، وأصبح التصوف حينها مظهرا من مظاهر الجهل والفراغ، مما كان له من الأثر السلبي في المجتمع الإسلامي.

وسرعان ما أعاد التصوف مكانته تلك، لكونه عظيم القدر جليل النفع، أنواره ساطعة وثماره نافعة، فهو يزكي النفس ويطهر القلب ويوصل الإنسان إلى مرضاة ربه. 
**  **  **

1 - أبو القاسم القشيري، الرسالة القشيرية، تح: عبد الحليم محمود، مطابع مؤسسة دار الشعب، القاهرة، دط ، ، 1989ص 464 وما
بعدها.
2 - الذهبي، سير أعلام النبلء، تح : شعيب الأرنؤوط ، مؤسسة الرسالة ، بيروت ، ط1، 1991 ،ص ، 534والرسالة القشيرية ،ص
410.
3 - الرسالة القشيرية، ص: 465.
- 4عبد المنعم خفاجي، الأدب في التراث الصوفي، مكتبة غريب، الاسكندرية، دط، دت ص33.
- 5عبد الحليم محمود، قضية التصوف المنقذ من الضلال، دار المعارف، القاهرة، ط5 ،2003، ص: 43.
6 - آنا ماري شيمل، الأبعاد الصوفية في الإسلام وتاريخ التصوف، تر: محمد إسماعيل السيد، رضا حامد قطب، منشورات الجمل، ألمانيا، ط،1،2006، ص07.
7 -سورة الذاريات، الآية : 56.

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى موقعنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد الموقع السريع ليصلك جديد الموقع أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

نفحات الطريق الصوفية