إنْ سَلَّمْتَ
إلَيْهِ قَرَّبَكَ وَإِنْ نَازَعْتَهُ أَبْعَدَكَ.
إن سلّمتَ إليه أمورك وتركتَ تدبير
نفسك اعتماداً عليه، قرَّبك بنظره إليك بعين الرحمة والعناية، كما قال الخليل عليه
السلام حينَ ألقوه بالمنجنيق وأرادوا وقوعه في النار، استقبله جبريل فقال : يا
إبراهيم ألك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا ، قال جبريل : فسل ربك . فقال إبراهيم :
حسبي من سؤالي علمه بحالي . وإن نازعته تعالى بأن لم ترض بقضائه بأن تقول : أفعل
كذا ليكون كذا، أو لو لم أفعل كذا لما كان كذا، أبعدك، أي حجبك بك عن حضرة أنسه.
إِنْ
تَقَرَّبْتَ بِهِ قَرَّبَكَ وإِنْ تَقَرَّبْتَ بِكَ أَبْعَدَكَ.
إنه تقربتَ به إليه بأن لا ترى لك
وجوداً وعملا مع وجوده وعمله قربك إليه بالإنعام والفضل، وإن تقرَّبتَ بِكَ إليه
بأن رأيتَ لكَ ذلك أبعدك، أي حجبك وأشغلك بك .
إنْ طَلَبْتَهُ لَكَ كَلَّفَكَ وَإِنْ طَلَبْتَهُ لَهُ دَلَّلَكَ.
إن طلبته لك بأن طلبت منه الدرجات
والكرامات والمقامات كلّفك للعمل وأتعبكَ، لأن من طلب الأجرة طُولبَ بالعمل، وإن
طلبته ُ لَهُ تعالى دَلَّلكَ، أي جعلك من أهل الدلال بمحض جوده وفضله كما مرَّ
بيانه.
قُرْبُكَ خُرُوجُكَ مِنْكَ وَبُعْدُكَ وُقُوفُكَ مَعَكَ.
قربك إليه تعالى خروجك بفنائك منك،
وبعدك عنه وقوفك معك، لأنك حجاب، وعندهم حسنات الأبرار سيئات المقرّبين كما مر،
وهذا قريب من قوله :
إِنْ جِئْتَ بِلاَ أَنْتَ قَبِلَكَ وَإِنْ جِئْتَ بِكَ حَجَبَكَ.
إن جئتَ بلا أنت قبلك وتولاك بلطفه،
وإن جئتَ بكَ بأن رأيتَ لك وجوداً وعملاً حجبك عن حضرة أُنسه.